وكذا لا توجد المماثلة التامة بين موسى وعيسى عليهما السلام؛ لأن عيسى - عليه السلام - كان إلهًا وربًا على زعم النصارى وموسى - عليه السلام - كان عبدًا له.
وأن عيسى - عليه السلام - على زعمهم، صار ملعونًا لشفاعة الخلق كما صرح به بولس في الباب الثالث من رسالته إلى أهل غلاطية، وموسى - عليه السلام - ما صار ملعونًا لشفاعتهم.
وأن عيسى - عليه السلام - دخل الجحيم بعد موته كما هو مصرح به في عقائد أهل التثليث، وموسى - عليه السلام - ما دخل الجحيم.
وأن عيسى - عليه السلام - صلب على زعم النصارى ليكون كفارةً لأمته، وموسى - عليه السلام - ما صار كفارةً لأمته بالصلب.
وأن شريعة موسى مشتملةٌ على الحدود والتعزيزات وأحكام الغسل والطهارات والمحرمات من المأكولات والمشروبات، بخلاف شريعة عيسى - عليه السلام -، فإنها فارغة عنها على ما يشهد به هذا الإنجيل المتداول بينهم.
وأن موسى - عليه السلام - كان رئيسًا مطاعًا في قومه نفاذًا لأوامره ونواهيه، وعيسى - عليه السلام - لم يكن كذلك.
وأن موسى - عليه السلام - ولد من الأبوين، وعيسى - عليه السلام - ولد بلا أب من عذراء.
وأن موسى - عليه السلام - كان صاحب زوجة وأولاد بخلاف عيسى - عليه السلام -، فأين المثلية إذن؟
وثالثًا: أنه وقع في هذه البشارة لفظ "مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ"، ولا شك أن الأسباط الاثني عشر كانوا موجودين في ذاك الوقت مع موسى - عليه السلام - حاضرين عنده، فلو كان المقصود كون النبي المبشر به منهم، قال: منهم، أو: من خلفهم، لا من بين إخوتهم؛ لأن الاستعمال الحقيقي لهذا اللفظ أن لا يكون المبشر به له علاقة الصلبية والبطنية ببني إسرائيل. . .".
ورابعًا: أنه وقع في هذه البشارة لفظ سوف أقيم، ويوشع - عليه السلام - كان حاضرًا عند موسى - عليه السلام -، داخلًا في بني إسرائيل، نبيًا في هذا الوقت، فكيف يصدق عليه هذا اللفظ؟
وخامسًا: أنه وقع في هذه البشارة لفظ: أجعل كلامي في فمه، وهو إشارة إلى أن ذلك النبي ينزل عليه الكتاب، وإلى أنه يكون أميًّا حافظًا للكلام، وهذا لا يصدق على يوشع - عليه السلام -