للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسنة ١٩٨٥ م، وطبعة دار المشرق وترجمة يوسف عون، ولم يسقط إلا من الطبعة العربية المطبوعة سنة ١٨٢٣ م و ١٨٤٤ م، ونص المتن منقول عنهما.

فلفظ "أيضًا" سقط من التراجم التي نقلت عنها عبارة يوحنا سهوًا أو قصدًا، فهذا القول يدل دلالة ظاهرة على أن شهادة الحواريين غير شهادة فارقليط، فلو كان المراد به الروح النازل يوم الدار فلا توجد مغايرة بين الشهادتين؛ لأن الروح المذكور لم يشهد شهادة مستقلة غير شهادة الحواريين؛ بل شهادة الحواريين هي شهادته بعينها؛ لأن هذا الروح مع كونه إلهًا متحدًا بالله اتحادًا حقيقيًا بريئًا من النزول والحلول والاستقرار والشكل التي هي من عوارض الجسم والجسمانيات، نزل مثل ريح عاصفة، وظهر في أشكال ألسنة منقسمة كأنها من نار، واستقرت على كل واحد منهم يوم الدار، فكان حالهم كحال من عليه أثر الجن، فكما أن قول الجن يكون قوله في تلك الحالة فكذلك كانت شهادة الروح هي شهادة الحواريين، فلا يصح هذا القول بخلاف ما إذا كان المراد به النبي المبشر به، فإن شهادته غير شهادة الحواريين.

تاسعًا: أن عيسى - عليه السلام - قال: "لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لَا يَأْتِيكُمُ الْمَعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ."

فعلق مجيئه بذهابه - أي علق مجئ المعزي بذهاب عيسى - وهذا الروح عندهم نزل على الحواريين في حضوره لما أرسلهم إلى البلاد الإسرائيلية، فنزوله ليس بمشروط بذهابه، فلا يكون مرادًا بالمعزي؛ بل المراد به شخص لم يستفض منه أحد من الحواريين قبل زمان صعوده، وكان مجيئه موقوفًا على ذهاب عيسى - عليه السلام -، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - كان كذلك؛ لأنه جاء بعد ذهاب عيسى - عليه السلام -، وكان مجيئه موقوفًا على ذهاب عيسى - عليه السلام -؛ لأن وجود رسولين ذوي شريعتين مستقلتين في زمان واحد غير جائز، بخلاف ما إذا كان الآخر مطيعًا لشريعة الأول، أو يكون كل من الرسولين مطيعًا لشريعة واحدة؛ لأنه يجوز في هذه الصورة وجود

<<  <  ج: ص:  >  >>