للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أعراض مرض الصرع، فهو كما جاء في كتاب (الموسوعة العربية الميسرة) أن يرى المريض شبحًا، ويسمع صوتًا، أو يشم رائحة، ويعقب ذلك وقوع المريض صارخًا على الأرض، وفاقدًا وعيه ثم تتملكه رعدة تشنجية، تتصلب فيها العضلات، وقد يتوقف فيها التنفس مؤقتًا، ويعقب النوبة خور في القوى، واستغراق في النوم يصحو منه المريض خالي الذهن من تذكر ما حدث له. (١)

فإذا كان هذا هو الثابت علميًا فهو بخلاف أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يظهر عليه شيء مما ذكر من أعراض هذا المرض عند نزول الوحي عليه، بل يظل في تمام وعيه، وكامل قوته العقلية، قبل وأثناء وبعد الوحي، كما قال - صلى الله عليه وسلم -، لما سُئل: كيف يأتيك الوحي؟ قال: "أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه علي، فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال". (٢)

وقد كان جبريل - عليه السلام - يأتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة الرجل فيحادثه أمام جمع من الحضور وهم يشاهدون ذلك، كما ثبت في حديث جبريل المشهور الذي سأل فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام والإيمان والإحسان. . . وكما جاء في حديث ابن عمر من إتيان جبريل - عليه السلام - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صورة الصحابي الجليل دحية الكلبي - رضي الله عنه -.

لقد عاش النبي - صلى الله عليه وسلم - طيلة حياته في صحة نفسية وعصبية وعقلية دائمة، لم يطرأ عليه أي خلل في عقله أو أعصابه في يوم من الأيام، بل كان - صلى الله عليه وسلم - بشهادة القرآن والسنة والتاريخ، وديعًا صبورًا حليمًا، بل كان عظيم الصبر، واسع الحلم والصدر حتى أنه - صلى الله عليه وسلم - وسع الناس جميعًا ببسطه وخلقه.

وبالجملة: كان كمال عقله وخلقه - صلى الله عليه وسلم - مضرب الأمثال لعصمة الله له، ولكل منصف أن يتساءل: هل يتفق هذا المرض وما هو معروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنه كان أمة وحده، في أخلاقه، وثباته، وحلمه، وسلامة جسمه وقوة بنائه؟ .


(١) الموسوعة العربية الميسرة ليوسف إلياس سركيس (حرف الصاد)، مادة صرع؛ نقلًا من الرد على شبهات عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) البخاري (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>