للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلق معها كف الأذى عنها؛ بل احتمال الأذى منها، والحلم عند طيشها وغضبها، اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد كانت أزواجه تراجعنه في الكلام، وتهجره الواحدة منهن يومًا إلى الليل (١)، وقال - صلى الله عليه وسلم - لجابر بن عبد الله حين تزوج ثيبا: "فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك" (٢).

ومن حسن المعاشرة: التحدث مع الزوجة، فعن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى سنة الفجر؛ فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة، وقوله تعالى {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} يؤخذ منه: أن لا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها، أوترك الواجب، وإنما المراد أن يتركها على اعوجاجها في الأمور المباحة (٣).

ومن حسن المعاشرة: عدم ترجيح إحدى الزوجات على الأخرى ظلما وعدوانا: قال الله تعالى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} (النساء: ١٢٩).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما؛ جاء يوم القيامة وشقه ساقط" (٤)، وفي رواية: "من كانت له امرأتان فمال إلى أحدهما؛ جاء يوم القيامة وشقه مائل وفي رواية: "من كانت له امرأتان يميل إلى أحدهما على الأخرى؛ جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل" (٥).

والمراد بقوله: "فمال" وقوله: "يميل" الميل بظاهره، بأن يرجح إحداهما في الأمور الظاهرة التي حرم الشارع الترجيح فيها، لا الميل القلبي، وروى مسلم وغيره: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم


(١) إحياء علوم الدين (٢/ ٦٨).
(٢) البخاري (٥٣٦٧)، ومسلم (٧١٥).
(٣) الفتح (٩/ ١٦٣).
(٤) الترمذي (١١٤١) وابن ماجه (١٩٥٩)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٦٥١٥).
(٥) ابن ماجه (١٩٦٩)، وابن حبان (٤٢٠٧)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (١٩٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>