للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماوردي: وقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - شعراء، منهم حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وكانوا ينشدون الشعر تارة ابتداء ويأمرهم به أخرى ليردوا على من هجاه (١).

فهم وأمثالهم من الذين استثناهم الله تعالى من الشعراء بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: ٢٢٧].

وهم الشعراء الذين أغلب أحوالهم تحري الحق والصدق ممن دافعوا عن الرسالة والرسول ونافحوا عن الإسلام، ودافعوا عن القيم الفاضلة، فدخلوا في حزب المؤمنين، فعملوا بأعمالهم الصالحة وذكرُوا الله كَثِيرًا في أشعارهم {وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} أراد بذلك الانتصار لله، ولرسوله، ولدين الله، وللمؤمنين. فذلك عمل صالح، وعُدَّةٌ من عُدَدِ الحرب، وقوام الدين.

كما كان يقع من شعراء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنهم كانوا يهجون من يهجوه، ويحمون عنه ويذبون عن عرضه، ويكافحون شعراء المشركين وينافحونهم.

قال ابن سيرين: كان كعب بن مالك يخوفهم الحرب، وكان حسان يقبل على الأنساب، وكان عبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر (٢).

أما حسان فهو: ابن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاش مائة وعشرين سنة: ستين في الجاهلية، وستين في الإسلام.

روى البخاري: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة أنشدك الله هل سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يا حسان أجب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم أيده بروح القدس؟ قال أبو هريرة: نعم (٣).

وقال - صلى الله عليه وسلم - لحسان بن ثابت "اهجهم يعني قريشًا فوالله لهجاؤك عليهم أشد من وقع السهام، في غلس الظلام، اهجهم ومعك جبريل روح القدس، والق أبا بكر يعلمك تلك الهنات.


(١) الحاوي في فقه الشافعي ١٧/ ٢٠٤.
(٢) أسد الغابة في ترجمة: كعب بن مالك.
(٣) رواه البخاري (٤٤٢)، ومسلم (٢٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>