للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَنْ الْبَرَاءِ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِحسَّانَ: اهْجُهُمْ، أَوْ قَالَ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ (١).

وروى البخاري ومسلم: عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اهْجُوا قُرَيْشًا فإنه أَشَدُّ عليها من رَشْقٍ بِالنَّبْلِ، فَأَرْسَلَ إلى بن رَوَاحَةَ فقال: اهْجُهُمْ فَهَجَاهُمْ فلم يُرْضِ، فَأَرْسَلَ إلى كَعْبِ بن مَالِكٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إلى حَسَّانَ بن ثَابِتٍ فلما دخل عليه قال حَسَّانُ: قد آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إلى هذا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ ادلع لِسَانَهُ، فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ فقال: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَا تَعْجَلْ؛ فإن أَبَا بَكْرٍ أعلم قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وإن لي فِيهِمْ نَسَبًا حتى يُلَخِّصَ لك نَسَبِي، فأتاه حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فقال: يا رَسُولَ الله قد لَخَّصَ لي نَسَبَكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ منهم كما تُسَلُّ الشَّعْرَةُ من الْعَجِينِ. قالت عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لِحَسَّانَ إن رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ ما نَافَحْتَ عن الله وَرَسُولِهِ. وَقَالَتْ سمعت رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى"، قال حَسَّانُ:

هجوتَ محمدًا، فأجبتُ عنهُ ... وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ

أتَهْجُوهُ، وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ ... فَشَرُّكُما لَخَيْرِكُمَا الفِداءُ

هجوتَ مباركًا، برًا، حنيفًا ... أمينَ اللهِ، شيمتهُ الوفاءُ

فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ ... ويمدحهُ، وينصرهُ سواءُ

فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي ... لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ

لساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ، ... وَبَحْرِي لا تُكَدِّرُهُ الدّلاءُ (٢)

قال ابن حجر: قال أبو عبيدة: فُضِّلَ حسان بن ثابت على الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي - صلى الله عليه وسلم - في أيام النبوة وشاعر اليمن كلها في الإسلام (٣).

أما ابن رواحة فهو: عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري


(١) صحيح البخاري (٥٦٨٧).
(٢) رواه البخاري (٥٦٨٤)، ومسلم (٢٤٩٠) واللفظ لمسلم.
(٣) الإصابة في أخبار الصحابة ٢/ ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>