للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخيل، ولنفاه القرآن عن نفسه كما ينفي الكير خبث الحديد (١) {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} [فصلت: ٤٢].

الثالث عشر: أن الشعر قاله ويقوله الناس - منذ أن نطق الإنسان - المجيدون منهم الآلاف بل يزيدون، فضلا عن غيرهم، بل إن الشعراء المجيدين يفاضل الناس بينهم فيقولون: فلان أَشْعَرَ من فلان أو فلان أشعر الناس في الهجاء، وفلان أشعر الشعراء في الوصف، وآخر في الرثاء إلى غير ذلك.

وليس شيء من هذا في القرآن في دبير أو نفير، فإذا كان امرؤ القيس أشعر الشعراء؛ فإن ذلك لم يكن مسلما به حتى في زمانه.

يقول عبد القاهر الجرجاني: في حديث علقمة الفحل أنه لما قال له امرؤ القيس، وقد تناشدا: أَيُّنَا أَشعرُ؟ ، قال: أنا، غيرَ مُكْتَرِثٍ ولا مُبالٍ، حتى قال امرؤ القيس: فقُلْ وَانْعَتْ فَرَسَكَ وناقتَك، وأقولُ وأَنْعَتُ فرسي وناقتي.

فقال علقمة: إني فاعل، والحكَمُ بَيْني وبَينك المرأةُ من ورائك، يعني أُمَّ جُنْدُب امرأة امرئ القيس، فقال امرؤ القيس:

خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي عَلَى أُمِّ جُنْدَبِ ... نُقَضِّ لُبَانَاتِ الفُؤَادِ المُعَذَّبِ

وقال عَلْقمة:

ذَهَبْتَ مِنَ الهِجْرَانِ في كُلِّ مَذْهَبِ ... وَلَمْ يَكُ حَقًّا كُلُّ هَذَا التَّجَنُّبِ

وتحاكما إلى المرأة، ففَضَّلَت علقَمة.

ويقول عبد القاهر: وقالوا: كان الأوائل لا يفضلون على زهير أحدا في الشعر ويقولون: "قد ظلمه حقَّه من جعله كالنابغة". قالوا: "وعامة أهل الحجاز على ذلك".


(١) الوجه الثاني عشر جاء ملخصًا من كتاب (النبأ العظيم) للدكتور: عبد الله دراز صـ ١٣٤ وانظر تفصيل إعجاز أسلوب القرآن وخصائصه في الكتاب نفسه من صـ ١٣٥: ١٦، وليس منها شيء في أسلوب الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>