للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى البخاري في صحيحه بخصوص ورقة بن نوفل: كان امرءًا تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمى (١).

وأخرجه البخاري في كتاب الأنبياء بلفظ: وكان رجلًا تنصر يقرأ الإنجيل بالعربية (٢).

وقال ابن إسحاق في السيرة: فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية، واتبع الكتب من أهلها، حتى علم علمًا من أهل الكتاب (٣).

وفي تاريخ الطبري: وكان ورقة قد تنصر، وقرأ الكتب، وسمع من أهل التوراة والإنجيل (٤).

قالوا: هل تدل هذه الروايات على أن ورقة كان راهبًا ومهرطقًا وصاحب كنيسة. . . إلخ؟ ! بالطبع لا.

يقول د. عويد المطرفي: فإن كان قد تنصر، ففي أي المدارس؟ وكم دام تحصيله لها؟

ونحن إذا طلبنا إجابات عن هذه الأسئلة المُلحّة التي طرحناها بشأن ما تنسبه الروايات الحديثية والتاريخية إلى ورقة بن نوفل من الدخول في النصرانية، والاستحكام فيها، واتباع كتبها من أهلها في الجاهلية، لم نجد لأي من هذه الأسئلة جوابًا محددًا ولا غير محدد يوضح متى تنصّر ورقة بن نوفل؟ ولا كيف تنصر؟ كما لم يُذكر في أي من هذه الروايات، ولا في غيرها من الأخبار الصحيحة الإسناد، ولا غير الصحيحة مَنْ دعاه إلى الدخول في النصرانية، بل لم يكن أبدًا أن أحدًا من الناس دعاه إلى الدخول في النصرانية ولا رَغّبَهُ فيها، وحبّبَهُ فيها، ولا كيف تعلمها، ولا ذكرت أسماء أشخاصٍ لا معروفين ولا غير معروفين تلقّاها عنهم، ولا شيوخ لا من الرهبان ولا ممن هم دونهم درسها عليهم، أو سمع أخبارها منهم.

كما لم يُذكر في هذه الروايات، ولا في غيرها اسمٌ لبلدٍ تعلم فيه ورقة بن نوفل النصرانية


(١) صحيح البخاري (٣)، ومسلم (١٦٠، ٢٥٢).
(٢) صحيح البخاري (٣٢١٢).
(٣) سيرة ابن هشام (١/ ٢٤٣).
(٤) تاريخ الطبري (٢/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>