للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا مدرسة، ولا معهد، ولا كنيسة، ولا أي مؤسسة من مؤسسات النصارى التي كانوا ينشرون نصرانيتهم من خلالها (١).

ثالثا: ويجيبون على قول القائل: فما معنى الروايات المذكورة في البخاري وغيره أن ورقة تنصر واستحكم في النصرانية؟

فيُجيب د. عويد المطرفي إذ يقول: قول الرواية (تنصر في الجاهلية) لا ينهض دليلًا قاطعًا ولا شبه قاطع على تديّنه بالنصرانية، لا من قريب ولا من بعيد لأمور منها:

١ - أن الإخبار عنه بالتنصر إخبار باعتناق دين النصرانية، وهي انتماء ديني، وأمر عقدي، وكلاهما فعل قلبي لا يتأكد إلا بأمور منها:

أهمها: التصريح الحقيقي في حال اليسر والعسر ممن نُسب إليه ذلك الانتماء والاعتقاد بأنه قد دان بذلك الدين أو المذهب الذي دان بدين من الأديان التي كان الناس يدينون بها في حياته وبعد مماته حتى وقتنا الحاضر، والمعلوم المعروف من ورقة بن نوفل أنه لم يُصرح في يوم من الأيام أنه يدين بالنصرانية؛ بل على العكس من ذلك كان يصرح بأنه على الحنيفية فإن ديدنه وهِجِّيراه في حياة صديقه ونديمه زيد بن عمرو بن نفيل، وبعد مماته أن يقول: إلهى إله زيد وديني دين زيد.

بل إن مما يدل على بُعد ورقة بن نوفل عن النصرانية أنه حين ذكر لخديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - تصديقه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفرحه بمبعثه، واستبشاره به أيما استبشار - فإنه لم يذكر عيسى ابن مريم في الروايات الصحيحة في البخاري ومسلم - رحمهما الله - الذي جاء بالنصرانية فلم يقل: هذا هو الناموس الذي نزَّل الله على عيسى - عليه السلام - مثلًا؛ بل قال: (هذا هو الناموس الذي نزّل الله على موسى) (٢). مما يدل على أن استحضار قلبه لذكر موسى أسرع من استحضاره لذكر عيسى عليهما الصلاة والسلام.


(١) ورقة بن نوفل في بطنان الجنة (٥٨، ٥٩) صادر عن رابطة العالم الإسلامي.
(٢) البخاري (٣٢١٢)، مسلم (٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>