للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الخامس: فهذه الروايات السابقة تدحض ما يدَّعيه النصارى من قداسة القس ورقة وأخته، فتدل بصراحة أن هناك قاعدة لديهما وهي الغاية تبرر الوسيلة، ففِعل الزنا طالما أنه يهدف لغاية حميدة فلا بأس به، وهذا ما لا يرضاه كل عاقل من النصارى فضلًا عن قساوستهم، فلا يَشرُف لهم أن يدَّعو بأن دعوة ورقة دعوة مسيحية.

الوجه السادس: وهو الاختلاف في اسم المرأة التي دعت عبد الله لنفسها، فهناك رواية تذكر أنها كاهنة من أهل تبالة متهودة يقال لها: فاطمة بنت مر الخثعمية (١).

الوجه السابع: مسألة النور الذي رأته أخت ورقة، لماذا لم تره أخريات من الراهبات في مكة؟ فأنتم تدَّعون أن مكة كانت معقلًا للنصارى، وكان منهم من علم باقتراب ظهور النبي الخاتم، وكان من الطبيعي أن يتفرسوا أهل مكة واحدًا واحدًا.

الوجه الثامن: من الواضح أن عبد المطلب لم يكن متواطئًا مع ورقة كما تدعون، أو أن عبد المطلب كان نصرانيًا أو كان على علاقة وطيدة مع النصارى، فالسؤال: لماذا لم يُحرِّض عبد المطلب ابنه عبد الله على الزواج من أخت ورقة، كما ادعيتم أن أبا طالب حرَّض محمدًا للزواج من خديجة، وذلك كله لكي يتم الهدف المنشود وهو النبوة؟

الوجه التاسع: وعلى افتراض صحة رواية طلب المرأة الفاحشة من والد النبي، فنقول كما قال ابن كثير: وهذه الصيانة لعبد الله ليست له وإنما هي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كما قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}. وقد تقدم الحديث المروي من طريق جيد أنه


(١) أخرجه الطبري في تاريخه ٢/ ٦، وأبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في عيون الأثر ١/ ٧٥، السيرة لابن كثير ١/ ٢٠٤؛ وهي أصح من الرواية التي تقول أنها أخت ورقة بن نوفل؛ عيون الأثر ١/ ٧٥، السيرة لابن كثير ١/ ٢٠٤، السيرة النبوية لمحمد بن إسحاق ١/ ٨، تاريخ الرسل والملوك ١/ ٣٦٧، ذكره الواقدي (١/ ٣٥).
قال النويري: قد اخُتلف في هذه المرأة، فمنهم من يقول: هي قتيلة بنت نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وهي أخت ورقة بن نوفل. قال السهيلي: اسمها: رقيقة بنت نوفل تكنى أم قتال، وهي أخت ورقة بن نوفل. ومنهم من يقول: هي فاطمة بنت مر الخثعمية، وقيل غيرها. . . فأما عبد الملك بن هشام فقال: فمر به على امرأةٍ من بني أسد، وهي أخت ورقة بن نوفل، وقال الواقدي: هي قتيلة بنت نوفل. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنها امرأةٌ من بني أسد، وهي أخت ورقة. نهاية الأرب في فنون الأدب ٤/ ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>