للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو من بعض النصوص السابقة أنها كانت من بغايا المعابد الوثنية كما في هذه الرواية: (قد مر به فيما يزعمون على امرأة من بني أسد بن عبد العزى وهي أخت ورقة بن نوفل وهي عند الكعبة فقالت له: أين تذهب يا عبد الله؟ قال: مع أبي، قالت: لك مثل الإبل التي نحرت عنك - وكانت مائة - وقَعْ علي الآن (١).

فهذه الرواية توضح جرأتها الشنيعة بأنها طلبت منه الزنا وهي عند الكعبة، وهذا الأمر لا تفعله إلا امرأة قد استحلَّت الزنا فصارت لا تعبأ بالوقوع فيه حتى ولو كانت عند الكعبة.

الوجه الثالث: فبافتراض أن عبد الله استمع لأمر أخت ورقة وجامعها لإنجاب محمد، فهل يليق برجل يؤهله ورقة لأمر النبوة أن يكون قد أتى من سفاح؟ ! وكيف يليق هذا بامرأة كانت تقرأ الكتاب المقدس، وتأتمر بأمر القس، وتدَّعي أنها من الراهبات المتطلعات لظهور نبي آخر الزمان؟ !

فإحدى الروايات تقول: (مر به على كاهنة من أهل تبالة متهودة قد قرأت الكتب) (٢).

كيف يليق بها أن تُعَرِّض نفسها للزنا؟ أهذا من تعاليم الكتاب المقدس وتطبيق محكم لنشيد الإنشاد؟ !

فالواضح من الرواية أنها طلبت من عبد الله الفاحشة فأبى، وفي اليوم التالي عرض هو عليها فأبت، وعللت إباءها بأن النور الذي كان في وجهه قد زال، وفي هذا اتهام لعبد الله، وفلسفة للفاحشة بأنها كانت رغبة في النور! وليس نور النبوة إفراز عضو ولا إشراقة وجه! والرواية ظاهرة الاختلاق، وهي ذم في صورة مدح، هذا وقد جاء بعدُ أنها طلبت منه الزواج.

الوجه الرابع: النص يوضح أن والد محمد بعد ما فرغ من جماع آمنة، رجع لأخت ورقة، ألم يكتفِ بالجماع من سيدة قريش؟ أيرضى بالدون بعد ما شَرُف بزواجه منها؟ ! فهذا لا يليق برجل يتفطن فيه ورقة أنه سيكون والد نبيه، والعجيب أن رواية تصفه بأنه يتعفف عن الزنا، ورواية أخرى تدل على أنه ما منعه عن الزنى إلا لوجود عبد المطلب معه.


(١) عيون الأثر ١/ ٧٥، السيرة لابن كثير ١/ ٢٠٤.
(٢) عيون الأثر ١/ ٧٥، السيرة لابن كثير ١/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>