للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الخيال القصصي، بينما يقوم الخيال القصصي في التوراة والإنجيل بأكبر الأدوار في صياغة وتأليف قصصهما، وهو ما كشفت عنه دراسات حديثة تعد مرجعيات في هذا الباب، مثل دراسة: جيمس فريزر عن الفلكلور في العهد القديم. (١)

ودراسة: "زينون كاسيدوفسكي" عن الحقيقة والأسطورة في التوراة والتي لخّص فيها مكانة الخيال والخرافة في القصص التوراتي، بقوله: "تناقل اليهود تراثهم الديني من جيل إلى جيل، وساهم الطابع الفلكلوري لنقل الروايات الحقيقية بتطعيمها بكثرة من الخرافات والأساطير والأمثال والأقصوصات، جعلت من الصعب الآن التمييز بين الواقع والخرافة فيها". (٢)

أما القرآن الكريم فلا يعرف الخيال القصصي طريقًا إلى مادة مروياته، حيث يلجأ القرآن في قصصه إلى الاحتكام لمعياره النقدي في الأخبار: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦].

فهو يطالب قارئ قصصه بتلمس دلائل واقعيتها وصدقها التاريخي في آثارها الماثلة للعيان: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧)} [آل عمران: ١٣٧]. وقد وقف الأثريون على آثار القصص القرآني الشاهدة على الصدق التاريخي، مثل آثار سيل العرم الذي هدّم سد مأرب باليمن، فلا زالت آثار الجنتين الواقعتين عن يمين السد وشماله ماثلة حتى اليوم تؤكد صحة قصة سبأ: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ} [سبأ: ١٥].

وكذلك اكتشف علماء الآثار النقوش الثمودية في أرض تبوك ومدائن صالح وتيماء ولا زالت مزارًا سياحيًّا حتى اليوم. (٣)


(١) الفلكلور في العهد القديم لجيمس فريزر، بترجمة نبيلة إبراهيم.
(٢) الحقيقة والأسطورة في التوراة لزينون كاسيدوفسكي، ص ٥٢.
(٣) مصادر التاريخ صـ ١٦، لسيدة إسماعيل كاشف.

<<  <  ج: ص:  >  >>