للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولهما: عناية القصة بالحدث وتقرير الحقائق الدائمة المستقلة عن الأشخاص، والتي يمكن الإفادة من حكمتها ومغزاها في كل زمان ومكان بما يتلاءم مع عالمية رسالة القرآن واستمرارها، فما الأشخاص في القصص القرآني والحال كذلك إلا أمثلة لتلك الحقائق المقصودة لذاتها. (١)

الثاني: تحقيق الإيجاز غير المُخِلّ. (٢)

٦ - التنويع بين الإجمال والتفصيل، ففي مواضع: التحذير من العناد والتكذيب والإصرار على الباطل، والتخويف من مصائر المكذبين، يكون الإيجاز والفواصل القصيرة دون ذكر للأسماء أو للمحاورات (٣).

فيورد القرآن - مثلًا - في تسع آيات من سورة الفجر ثلاث قصص لمكذبي الرسل تشمل أعمالهم وعقابهم. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (٩) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (١٤)} [الفجر: ٦ - ١٤]. وهذا ما لا نظير له في التوراة أو الإنجيل.

٧ - عاقبة القصص، يأتي ختام القصة في القرآن بعكس ختام قصص التوراة والإنجيل حيث تختم القصة مع نهاية السفر أو الإصحاح، ففي قصة يوسف مثلًا يفترض أن تكون الخاتمة في لقاء يوسف بأبيه يعقوب الذي صوَّرته التوراة على النحو التالي: فَشَدَّ يُوسُفُ مَرْكَبَتَهُ وَصَعِدَ لاسْتِقْبَالِ إِسْرَائِيلَ أَبِيهِ إِلَى جَاسَانَ. وَلمَّا ظَهَرَ لَهُ وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَبَكَى عَلَى عُنُقِهِ زَمَانًا. ٣٠ فَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: "أَمُوتُ الآنَ بَعْدَ مَا رَأَيْتُ وَجْهَكَ أَنَّكَ حَيٌّ بَعْدُ" (سفر التكوين ٤٦: ٢٩ - ٣٠).


(١) في ظلال القرآن لسيد قطب (٢/ ٢١٧).
(٢) أدب القصة في القرآن الكريم، لعبد الجواد المحص، ص ٢٥٥.
(٣) سيكلوجية القصة في القرآن للتهامي نقرة ص ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>