للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدفتين وطرحوا ما عداه، وكان ذلك عن اتفاق منهم، وكل زيادة لا تحويها الأم ولا تشتمل عليها الدفتان، فهي غير معدودة في القرآن (١).

قال الغزالي: ومعتمدنا شيئان: أحدهما: أن الشيء إنما يثبت من القرآن إما لإعجازه (٢)، وإما لكونه متواترًا، ولا إعجاز ولا تواتر (أي في القراءة الشاذة)، ومناط الشريعة وعمدتها تواتر القرآن، ولولاه لما استقرت النبوة وما يبني على الاستفاضة لتوفر الدواعي على نقله كيف يقبل فيه رواية شاذة؟ (٣).

المسلك الثاني: مبنانا فيما نأتي ونذر الاقتداء بالصحابة - رضي الله عنه -، وقد كانوا لا يقبلون القراءة الشاذة (٤).

ولذلك جمع عثمان - رضي الله عنه - المسلمين على مصحف واحد، ورد وأحرق كل ما سواه مما كان فيه قرآن، ومن المعلوم أن عثمان - رضي الله عنه - ممن أمرنا باتباع سنتهم، ولذلك قال ابن عبد البر: وأجمع العلماء أن ما في مصحف عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، وهو الذي بأيدي المسلمين اليوم في أقطار الأرض حيث كان هو القرآن المحفوظ الذي لا يجوز لأحد أن يتجاوزه، ولا تحل الصلاة لمسلم إلا بما فيه، وأن كل ما روي من القراءات في الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيرهم من الصحابة مما يخالف مصحف عثمان المذكور لا يقطع بشيء من ذلك على الله - عز وجل - (٥).

قال النووي: لأن ناقلها لم ينقلها إلا على أنها قرآن، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر بالإجماع (٦)، وإذا لم يثبت قرآنًا لا يثبت خبرًا (٧).


(١) البرهان للجويني (١/ ٢٥٧).
(٢) هذا كلام فيه نظر؛ لأن ظاهره أنه إذا ثبت الإعجاز ولم يكن متواترًا فيسمى قرآنًا، ثم ما هو ضابط الإعجاز إذ تتفاوت الأفهام وتختلف العقول فما يكون معجزًا عند بعضهم لا يكون عند الآخر كذلك، وإنما نزل القرآن معجزًا لكل الخلق.
(٣) المنخول (٢٨٢).
(٤) السابق.
(٥) التمهيد (٤/ ٢٧٨ - ٢٧٩، ٢٩٩).
(٦) خالفه في ذلك ابن الجزري ومن معه وقد سبق.
(٧) شرح مسلم (٥/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>