للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسبة الكذب إليهم في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا في غيره، فكيف يكذبوه في جعل مذاهبهم قرآنًا؟ ! هذا باطل يقينًا (١).

قال ابن مفلح: قال الخصم: لم يصرح بكونه قرآنًا، ثم لو صرح فعدم شرط القراءة لا يمنع صحة سماعه فيقول: هو مسموع من الشارع وكل قوله حجة وهذا واضح (٢).

وكأن ابن مفلح يرد على النووي ومن تابعه أو قال بمثل قوله في شرح مسلم حيث قال: لأن ناقلها لم ينقلها إلا علي أنها قرآن، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر بالإجماع، وإذا لم يثبت قرآنًا يثبت خبرًا، والمسألة محررة في أصول الفقه وفيها خلاف بيننا وبين أبي حنيفة رحمه الله (٣).

وقال الماوردي: والقراءة الشاذة تقوم مقام خبر الواحد في وجوب العمل؛ لأنها منقولة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأما قراءة ابن مسعود وأُبيٍّ فإنما تجري في وجوب العمل بها مجرى خبر الواحد إذا أطلقت جرت مجرى التأويل دون التنزيل، ثم لو سلمت لحملت على الاستحباب وإطلاقها على الجواز (٤).

وقال أبو بكر السرخسي: وعندنا شرط التتابع فيه (صيام الفدية للحاج) ليس بحمل المطلق على المقيد؛ بل بقراءة ابن مسعود - رضي الله عنه - (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتابِعَات)، وقراءته لا تكون دون خبر يرويه وقد كان مشهورًا إلى عهد أبي حنيفة رحمه الله، وبالخبر المشهور تثبت الزيادة على النص (٥).

قال ابن قدامة: إن كان قرَآنًا فهو حجة؛ لأنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإن لم يكن قرآنًا فهو رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفسيرًا، فظنَّاه قرآنًا فتثبت له رتبة


(١) روضة الناظر (١/ ٢٠٣ - ٢٠٥)، وانظره بنحوه في شرح الكوكب المنير (٢/ ١٣٩).
(٢) شرح الكوكب المنير (٢/ ١٣٩ - ١٤٠).
(٣) شرح مسلم (٥/ ١٣٠).
(٤) الحاوي (١٩/ ٣٨٩ - ٣٩٠)، وراجع البحر المحيط (١/ ٤٧٨).
(٥) أصول السرخسي (١/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>