السادس: أن يكون الاختلاف بالتقديم والتأخير نحو (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ)، فهذا يقبل لصحة معناه إذا صحت روايته، ولا يقرأ به لمخالفته المصحف، ولأنه غير واحد.
السابع: الاختلاف بالزيادة والنقص في الحروف والكلم، نحو:{وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ}(وَمَا عَمِلَتْ)، و (نَعْجَةً أُنثَى)، ونظائره فهذا يقبل منه ما لم يحدث حكمًا لم يقله أحد، ويقرأ منه ما اختلفت عليه المصاحف في إثباته وحذفه نحو {تَجْرِى تَحْتَهَا} في براءة عند رأس المائة و {مِنْ تَحْتِهَا} و {فَإِنَّ الله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} في الحديد و {فَإِنَّ الله الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} ونحو ذلك مما اختلف فيه المصاحف التي وجَّه بها عثمان إلى الأمصار فيقرأ به إذ لم يخرج عن خط جميع المصاحف. ولا يقرأ منه - ما لم تختلف فيه المصاحف - لا يزاد شيء لم يزد في شيء من المصاحف، ولا ينقص شيء لم ينقص في شيء من المصاحف. (١)
مذهب الرازي: الكلام لا يخرج عن سبعة أحرف في الاختلاف:
الأول: اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث.
ويمكن التمثيل للوجه الأول منه وهو اختلاف الأسماء. بقوله سبحانه:{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} قرئ هكذا: {لِأَمَانَاتِهِمْ} جمعًا، وقرئ {لِأَمَانَتِهِم} بالإفراد.
الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر.
ويمكن التمثيل للوجه الثاني وهو اختلاف تصريف الأفعال بقوله سبحانه:{فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} قرئ هكذا بنصب لفظ {رَبَّنَا} على أنه منادى، وبلفظ {بَاعِدْ}، و {بَعِّدْ} فعل أمر، وبعبارة أنسب بالمقام فعل دعاء.
وقرئ هكذا:{رَبُّنَا بَاعَدَ} برفع رب على أنه مبتدأ وبلفظ {بَعَّدَ} فعلًا ماضيًا مضعف العين جملته خبر.
الثالث: اختلاف وجوه الإعراب.
(١) تأويل مختلف الحديث (٩٢: ٩٤) بتصرف، والإبانة عن معاني القراءات (٥٥: ٥٨)، والنشر في القراءات العشر (١/ ٢٧)، والبرهان في علوم القرآن (١/ ٣٣٤).