الفائدة الأولى: الدلالة في القراءات المتنوعة في الكلمة الواحدة بقدر الإمكان، وذلك أن قاعدة الرسم لوحظ فيها أن الكلمة إذا كان فيها قراءتان أو أكثر كتبت بصورة تحتمل هاتين القراءتين أو الأكثر. فإن كان الحرف الواحد لا يحتمل ذلك بأن كانت صورة الحرف تختلف باختلاف القراءات جاء الرسم على الحرف الذي هو خلاف الأصل؛ وذلك ليعلم جواز القراءة به وبالحرف الذي هو الأصل. وإذا لم يكن في الكلمة إلا قراءة واحدة بحرف الأصل رسمت به. مثال الكلمة تكتب بصورة واحدة وتقرأ بوجوه متعددة قوله تعالى:{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}[طه: ٦٣] رسمت في المصحف العثماني هكذا: (إن هدان لساحران) من غير نقط، ولا شكل، ولا تشديد، ولا تخفيف في نوني إن وهذان، ومن غير ألف، ولا ياء بعد الذال من هذان.
ومجيء الرسم كما ترى كان صالحًا عندهم لأن يقرأ بالوجوه الأربعة التي وردت كلها بأسانيد صحيحة.
أولها: قراءة نافع ومن معه إذ يشددون نون - إنَّ ويخففون - هذَان - بالألف.
ثانيها: قراءة ابن كثير وحده إذ يخفف النون في - إنْ - ويشدد النون - في هذان.
ثالثها: قراءة حفص إذ يخفف النون في - إنْ - وهذان بالألف.
رابعها: قراءة أبي عمرو بتشديد - إنَّ - وبالياء وتخفيف النون في - هذين، فتدبر هذه الطريقة المثلى الضابطة لوجوه القراءة لتعلم أن سلفنا الصالح كان في قواعد رسمه للمصحف أبعد منا نظرًا وأهدى سبيلًا.
الفائدة الثانية: إفادة المعاني المختلفة بطريقة تكاد تكون ظاهرة، وذلك نحو قطع كلمة أم في قوله تعالى:{أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}[النساء: ١٠٩]، ووصلها في قوله تعالى:{أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الملك: ٢٢] إذ كتبت هكذا {أَمَّنْ} بإدغام الميم