الأولى في الثانية وكتابتهما ميمًا واحدة مشددة فقط؛ أم الأولى في الكتابة للدلالة على أنها أم المنقطعة التي بمعنى بل، ووصل أم الثانية للدلالة على أنها ليست كتلك.
الفائدة الثالثة: الدلالة على معنى خفي دقيق كزيادة الياء في كتابة كلمة "أيد" من قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} وإذ كتبت هكذا {بِأَيْدٍ}، وذلك للإيماء إلى تعظيم قوة الله التي بنى بها السماء، وأنها لا تشبهها قوة على حد القاعدة المشهورة وهي: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى.
ومن هذا القبيل كتابة هذه الأفعال الأربعة بحذف الواو وهي:
(ويدعو الإنسان)، (يمحو الله الباطل)، (يوم يدعو الداع)، (سندعوا الزبانية) فإنها كتبت في المصحف العثماني هكذا: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ}{وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ}{يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ}{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}، ولكن من غير نقط ولا شكل في الجميع.
قالوا: والسر في حذفها من {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ} هو الدلالة على أن هذا الدعاء سهل على الإنسان يسارع فيه كما يسارع إلى الخير؛ بل إثبات الشر إليه من جهة ذاته أقرب إليه من الخير. والسر في حذفها من {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} الإشارة إلى سرعة ذهابه واضمحلاله.
والسر في حذفها من {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} والإشارة إلى سرعة الدعاء وسرعة إجابة الداعين. والسر في حذفها من {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} الإشارة إلى سرعة الفعل وإجابة الزبانية وقوة البطش. ويجمع هذه الأسرار قول المراكشي: والسر في حذفها من هذه الأربعة سرعة وقوع الفعل، وسهولته على الفاعل، وشدة قبول المنفعل المتأثر به في الوجود.
الفائدة الرابعة: الدلالة على أصل الحركة مثل كتابة الكسرة ياء في قوله سبحانه {وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} إذ تكتب هكذا {وإيتاءى ذي القربى}، ومثل كتابة الضمة واوًا في قوله سبحانه:{سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} إذ كتبت هكذا {سأوريكم دَارَ الْفَاسِقِينَ}