ومثل ذلك الدلالة على أصل الحرف، نحو الصلاة والزكاة إذ كتبا هكذا: الصلَوة الزكَوة؛ ليفهم أن الألف فيهما منقلبة عن واو. من غير نقط ولا شكل كما سبق.
الفائدة الخامسة: إفادة بعض اللغات الفصيحة، وذلك مثل كتابة هاء التأنيث تاء مفتوحة في بعض المواضع؛ للإيذان بجواز الوقف عليها بالتاء على لغة (طيئ) نحو: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} وفي الأعراف، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[النحل: ١٨]، {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} في التحريم، {وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} في الأنفال، {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣)} في الدخان.
ومثل:{قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ. .} في الكهف، كتبت كلمة {نَبْغِ} بحذف الياء على لغة هذيل التي تحذف لام الفعل المضارع المعتل من غير دخول جازم عليه.
ومثل قوله سبحانه:{يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ} كتبت بحذف الياء هكذا {يَأْتِ} للدلالة على لغة هذيل.
الفائدة السادسة: حمل الناس على أن يتلقوا القرآن من صدور ثقات الرجال، ولا يتكلوا على هذا الرسم العثماني الذي جاء غير مطابق للنطق الصحيح في الجملة. وينضوي تحت هذه الفائدة مزيتان.
إحداهما: التوثق من ألفاظ القرآن وطريقة أدائه وحسن ترتيله وتجويده. فإن ذلك لا يمكن أن يعرف على وجه اليقين من المصحف مهما تكن قاعدة رسمه واصطلاح كتابته. فقد تخطئ المطبعة في الطبع، وقد يخفى على القارئ بعض أحكام تجويده كالقلقلة، والإظهار، والإخفاء، والإدغام، والروم، والإشمام ونحوها فضلًا عن خفاء تطبيقها.
ولهذا قرر العلماء أنه لا يجوز التعويل على المصاحف وحدها؛ بل لا بد من التثبت في الأداء والقراءة بالأخذ عن حافظ ثقة. وإن كنت في شك فقل لي بربك: هل يستطيع المصحف بأي رسم يكون أن يدل قارئًا أيًا كان على النطق الصحيح بفواتح السور