يكذِّبون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ويَكذِبون في أخبارهم، وكذا (كيف ننشرها) بالراء والزاي؛ لأن المراد بهما هي العظام وذلك أن الله أنشرها أي أحياها، وأنشزها أي رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت فضمن الله تعالى المعنيين في القراءتين.
وأما الثالث: فنحو (وظنوا أنهم قد كذبوا) بالتشديد والتخفيف، وكذا (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) بفتح اللام ورفع الأخرى وبكسر الأولى وفتح الثانية، وكذا (للذين هاجروا من بعد ما فتنوا) بالتسمية والتجهيل، وكذا قال (لقد علمت) بضم التاء وفتحها، وكذلك ما قرئ شاذًا (وهو يطعم ولا يطعم) عكس القراءة المشهورة، وكذلك (يطعم ولا يطعم) على التسمية فيهما؛ فإن ذلك كله وإن اختلف لفظًا ومعنى وامتنع اجتماعه في شيء واحد؛ فإنه يجتمع من وجه آخر يمتنع فيه التضاد والتناقض، فأما وجه تشديد (كذبوا) فالمعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم، ووجه التخفيف: وتوهم المرسَل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به فالظن في الأولى يقين والضمائر الثلاثة للرسل، والظن في القراءة الثانية شك والضمائر الثلاثة للمرسل إليهم. وأما وجه فتح اللام الأولى ورفع الثانية من (لتزول) فهو أن يكون أن مخففة من الثقيلة أي: وإن مكرهم كان من الشدة بحيث تقتلع منه الجبال الراسيات من مواضعها، وفي القراءة الثانية إن نافية أي: ما كان مكرهم وإن تعاظم وتفاقم ليزول منه أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - ودين الإسلام ففي الأولى تكون الجبال حقيقة وفي الثانية مجازًا. وأما وجه (من بعد ما فتنوا) على التجهيل فهو إن الضمير يعود للذين هاجروا وفي التسمية يعود إلى (الخاسرون). وأما وجه ضم تاء علمت فإنه اسند العلم إلى موسى حديثًا منه لفرعون حيث قال: {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧)}، فقال موسى على نفسه:{قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ}، فأخبر موسى - عليه السلام - عن نفسه بالعلم بذلك أي أن العالم ذلك ليس بمجنون، وقراءة فتح التاء أنه أسند هذا العلم لفرعون مخاطبة من موسى له بذلك على وجه التقريع لشدة معاندته للحق بعد علمه، وكذلك وجه قراءة الجماعة