للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمصار والأقطار، ونبتت ناشئة جديدة كانت بحاجة إلى دراسة القرآن وطال عهد الناس بالرسول والوحي والتنزيل، فكان بينهم اختلاف في حروف الأداء، ووجوه القراءة، بطريقة فتحت باب الشقاق والنزاع في قراءة القرآن، أشبه بما كان بين الصحابة قبل أن يعلموا أن القرآن نزل على سبعة أحرف؛ بل كان هذا الشقاق أشد لبُعد عهد هؤلاء بالنبوة، وعدم وجود الرسول بينهم يطمئنون إلى حكمه، ويصدرون جميعًا عن رأيه، واستفحل الداء حتى كفَّر بعضُهم بعضًا، وكادت تكون فتنة في الأرض وفساد كبير، ولم يقف هذا الطغيان عند حد؛ بل كاد يلفح بناره جميع البلاد الإسلامية حتى الحجاز والمدينة، وأصاب الصغار والكبار على سواء. أخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق أبي قلابة أنه قال: لما كانت خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين حتى كفر بعضهم بعضا، فبلغ ذلك عثمان فخطب فقال: أنتم عندي تختلفون فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافًا (١).

وصدق عثمان فقد كانت الأمصار النائية أشد اختلافًا ونزاعًا من المدينة والحجاز (٢).

٢ - غزو أرمينية وأذربيجان: في عام خمس وعشرين من الهجرة النبوية اجتمع أهل الشام وأهل العراق في غزو أرمينية وأذربيجان.

قال الذهبي: وفيها جاشت الروم حتى استمد أمراء الشام من عثمان مددًا فأمدهم بثمانية آلاف من العراق، فمضوا حتى دخلوا إلى أرض الروم مع أهل الشام، وعلى أهل العراق سلمان بن ربيعة الباهلي، وعلى أهل الشام حبيب بن مسلمة الفهري (٣).

وكان حذيفةُ بن اليمان من جملة من غزا معهم، وكان على أهل المدائن من أعمال العراق.


(١) ابن أبي داود في المصاحف ١/ ٢٠٤ وأورده عنه الحافظ في الفتح ٩/ ١٨ وإسناد رجاله ثقات إلا أن أبا قلابة كثير الإرسال ولم يصرح بمن حدثه. يراجع ترجمته في تهذيب الكمال ١٨/ ٤٠١، تهذيب التهذيب ٥/ ٢٢٦، التقريب ٢/ ٣٠٤.
(٢) مناهل العرفان في علوم القرآن ١/ ٢١٦ - ٢١٧.
(٣) تاريخ الإسلام ٣/ ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>