للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عباس: أمر بالصبر عند الغضب، وبالحلم عند الجهل، وبالعفو عند الإساءة. (١)

٢ - وقال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: ١٤٩] يعني بذلك: أن الله لم يزل ذا عفو عن عباده مع قدرته على عقابهم على معصيتهم إيّاه، يقول: فاعفوا، أنتم أيضًا أيها الناس عمن أتى إليكم ظلمًا، ولا تجهروا له بالسوء من القول، وإن قدرتم على الإساءة إليه، كما يعفو عنكم ربكم مع قدرته على عقابكم، وأنتم تعصونه وتخالفون أمره (٢).

فقوله تعالى: {أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} [النساء: ١٤٩] أي: عمن ساءكم في أبدانكم وأموالكم وأعراضكم، فتسمحوا عنه، فإن الجزاء من جنس العمل، فمن عفا لله عفا الله عنه، ومن أحسن أحسن الله إليه. (٣)

٣ - وقال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٢٢] كان أبو بكر - رضي الله عنه - ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره، فقال: والله لا أنفق عليه أبدًا بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل الله: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} إلى قوله: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: ٢٢] فقال أبو بكر: والله، إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح بالنفقة التي كان ينفق عليه فقال: والله لا أنزعها منه أبدًا. (٤)

تدبر رحمة رب العالمين؛ يأمر أبا بكر بالصفح عن من وقع في عرض ابنته، فأي عفو وأي رحمة أوسع من التي جاءت في شرع العفو الرحيم سبحانه؟ !

٤ - وقال تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: ١٣]

وهذا أمر من الله - عز وجل - نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالعفو عن هؤلاء القوم الذين هَمُّوا أن يبسطوا


(١) تفسير البغوي (٧/ ١٧٤).
(٢) الطبري (٩/ ٣٥١).
(٣) السعدي (١/ ٢١٢).
(٤) البخاري (٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>