للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاهدهما ثم قال: {وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ} فنظر فإذا هو عظام بيض تلوح وقد تفرقت أوصاله، وسمع صوتًا أيتها العظام البالية إني جاعل فيك روحًا فانضم أجزاء العظام بعضها إلى بعض، ثم التصق كل عضو بما يليق به الضلع إلى الضلع والذراع إلى مكانه ثم جاء الرأس إلى مكانه ثم العصب والعروق ثم أنبت طراء اللحم عليه، ثم انبسط الجلد عليه، ثم خرجت الشعور عن الجلد، ثم نفخ فيه الروح، فإذا هو قائم ينهق فخر عزير ساجدًّا، وقال: {أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ثم إنه دخل بيت المقدس فقال القوم: حدثنا آباؤنا أن عزير بن شرخياء مات ببابل، وقد كان بختنصر قتل ببيت المقدس أربعين ألفًا ممن قرأ التوراة وكان فيهم عزير، والقوم ما عرفوا أنه يقرأ التوراة، فلما أتاهم بعد مائة عام جدد لهم التوراة، وأملاها عليهم عن ظهر قلبه لم يخرم منها حرفًا، وكانت التوراة قد دفنت في موضع فأخرجت وعورض بما أملاه فما اختلفا في حرف، فعند ذلك قالوا: عزير بن الله، وهذه الرواية مشهورة فيما بين الناس، وذلك يدل على أن ذلك المار كان نبيًا. (وهذا من الإسرائيليات) (١).

ورد آخرون هذا القول ومنهم ابن القيم - رحمه الله - فقال:

ويظن بعض الناس أن عزيرًا هو الذي مر على قرية وهىِ خاوية على عروشها، قال: أنى يحي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه، ويقول: إنه نبي، ولا دليل على هاتين المقدمتين ويجب التثبت في ذلك نفيًا وإثباتًا (٢).

والثاني: أنه رجل كافر شك في البعث، وحجة هذا القول وجوه:

الأول: أن الله حكى عنه أنه قال: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} وهذا كلام من يستبعد من الله الإحياء بعد الإماتة، وذلك كفر.

فإن قيل: يجوز أن ذلك وقع منه قبل البلوغ.


(١) تفسير الرازي (٧/ ٢٦ - ٢٨) بتصرف.
(٢) هداية الحيارى (١/ ٢١٣) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>