للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السوء، ولو قال: إنه ليس بسوء لعاند الإجماع، فإذًا هو سوء فقد صرف عنه الهم بيقين (١).

الدليل الرابع: شهادة الجميع له ببراءته: شهد بذلك رب العالمين - عز وجل -، وشهد يوسف - عليه السلام -، وتلك المرأة، وزوجها، والنسوة، والشهود، وإبليس اللعين؛ أقروا ببراءة يوسف من المعصية، فليس للمسلم توقف في هذا الباب (٢).

- أما بيان أن يوسف - عليه السلام - ادعى البراءة عن الذنب فهو قوله - عليه السلام -: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي}، وقوله - عليه السلام -: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}.

- أما بيان أن المرأة اعترفت بذلك فلأنها قالت للنسوة: {وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ}، وأيضًا قالت: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: ٥١].

- وأما بيان أن زوج المرأة أقرَّ بذلك فهو قوله: {إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ}.

- وأما الشهود فقوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} الآيات (٣).

- وأما شهادة الله تعالى بذلك فقوله: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} فقد شهد الله تعالى في هذه الآية على طهارته أربع مرات:

أولها: قوله: {لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ} واللام للتأكيد والمبالغة.


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (١٠/ ٢٩٦)، وانظر الفصل لابن حزم (٤/ ١١)، والتفسير الكبير للرازي (١٨/ ١١٥، ١١٦)، قاعدة في المحبة لابن تيمية (صـ ٧٧)، قصص الأنبياء لابن كثير (قصة يوسف - عليه السلام -).
(٢) نقلًا من التفسير الكبير للرازي (١٨/ ١١٦: ١١٧) بتصرف.
(٣) وأشار إلى هذا المعنى ابن حزم في الفصل (٤/ ١١) فقال: فَصَحَّ أنها كذبت بنص القرآن، وإذا كذبت بنص القرآن فما أراد بها قط سوءًا، فما هَمَّ بالزنا، ولو أراد بها الزنا لكانت من الصادقين، وهذا بَيِّنٌ جدًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>