للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها: قوله: {وَالْفَحْشَاءَ} أي: كذلك نصرف عنه السوء والفحشاء.

ثالثها: قوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا} مع أنه تعالى قال: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (٦٣)}.

ورابعها: قوله: {الْمُخْلَصِينَ} وفيه قراءتان: تارة باسم الفاعل [المُخْلِصِين] وأخرى باسم المفعول [المُخْلَصِين]، فوروده باسم الفاعل يدل على كونه آتيًا بالطاعات والقربات مع صفة الإخلاص، ووروده باسم المفعول يدل على أنه تعالى استخلصه لنفسه واصطفاه لحضرته، وعلى كلا الوجهين فإنه من أدل الألفاظ على كونه منزهًا عما أضافوه إليه.

- وأما بيان أن إبليس أقر بطهارته، فلأنه قال: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: ٨٢، ٨٣] فأقر بأنه لا يمكنه إغواء المخلصين؛ لقوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} فكان هذا إقرارًا من إبليس بأنه ما أغواه وما أضله عن طريقة الهدى، وعند هذا نقول لهؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف - عليه السلام - هذه الفضيحة إن كانوا من أتباع دين الله تعالى: فليتقبلوا شهادة الله تعالى على طهارته، ولعلهم يقولون: كنا في أول الأمر تلامذة إبليس إلى أن تخرجنا عليه فزدنا عليه في السفاهة.

كما قال الخوارزمي:

وكنت امرءًا من جند إبليس فارتقى ... بي الدهر حتى صار إبليس من جندي

فلو مات قبلي كنت أُحْسِنُ بعده ... طرائقَ فسق ليس يحسنها بعد

فثبتت بهذه الدلائل أن يوسف - عليه السلام - برئ عما يقوله الجهال (١).

الدليل الخامس: أن الله تعالى لم يذكر عنه توبة:

أن يقال إن الله تعالى لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنبًا إلا ذكر توبته منه. . . كما ذكر قصة آدم، وموسى، وداود، وغيرهم من الأنبياء. . . ويوسف - عليه السلام - لم يذكر الله تعالى عنه في


(١) التفسير الكبير للرازي (١٨/ ١١٦، ١١٧)، أضواء البيان (٣/ ٤٩، ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>