٢ - أن يوسف - عليه السلام - لم ينسْ ذكر ربه، بل كان دائمًا ذاكرًا له.
٣ - قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا. . .} [يوسف: ٤٥، ٤٦] دليل واضح وبرهان لائح على أن ساقي الملك هو الناسي، ولذلك لما رأى الملك رؤيا وعجز جلساؤه عن تعبيرها تذكر ساقي الملك الناسي يوسفَ - عليه السلام - فولى وجهه نحو السجن يسأل يوسف عن تعبيرها، فالمراد أن ساقي الملك عندئذ تذكر يوسف، وقد كان قبل ذلك ناسيًا لوصية يوسف له عند الخروج من السجن.
وقد فصل شيخ الإسلام هذا المقام تفصيلًا حسنًا فقال: وقال تعالى: {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} قيل: أنسى يوسف ذكر ربه لما قال: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ}، وقيل: بل الشيطان أنسى الذي نجا منهما ذكر ربه؛ وهذا هو الصواب، فإنه مطابق لقوله:{اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ}؛ قال تعالى:{فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ}، والضمير يعود إلى القريب إذ لم يكن هناك دليل على خلاف ذلك، ولأن يوسف لم ينس ربه بل كان ذاكرًا لربه.