للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥. قال خالد بن معدان: قال أهل الجنة بعد ما دخلوا الجنة: ألم يعدنا ربنا الورود على النار؟ قال: قد مررتم عليها وهي خامدة.

قال ابن عرفة، قال مروان بن معاوية، قال بكار بن أبي مروان، أو قال: جامدة. (١)

٦. إن في نفس الآية قرينة دالة على تفسير الآية، وهي أنه تعالى لما خاطب جميع الناس بأنهم سيردون النار، برهم وفاجرهم، بقوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١)} بين مصيرهم ومآلهم بعد ذلك الورود المذكور بقوله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا} أي: نترك الظالمين فيها - دليل على أن ورودهم لها دخولهم فيها - إذ لو لم يدخلوها لم يقل: {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا}، بل يقول: ونُدخل الظالمين، وهذا واضح كما ترى وكذلك قوله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} دليل على أنهم وقعوا فيما من شأنه أنه هلكة، ولذا عطف على قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} قوله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا}. (٢)

ونعقب هذا القول بالآتي:

١. بأن الأحاديث والآثار السابقة مختلف في صحتها، فلا يستدل بها.

٢. قال ابن عاشور: فليس الخطاب في قوله {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} لجميع النّاس مؤمنهم وكافِرِهم على معنى ابتداء كلام، بحيث يقتضي أن المؤمنين يردون النّار مع الكافرين، ثم يَنْجَون من عذابها، لأنّ هذا معنى ثقيل ينبو عنه السياق، إذ لا مناسبة بينه وبين سياق الآيات السابقة، ولأنّ فضل الله على المؤمنين بالجنّة، وتشريفهم بالمنازل الرفيعة ينافي أن يسوقهم مع المشركين مَساقًا واحدًا، كيف وقد صدّر الكلام بقوله {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} [مريم: ٦٨]، وقال تعالى {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦)} [مريم: ٨٥, ٨٦]، وهو صريح في اختلاف حشر الفريقين.


(١) جامع البيان (١٦/ ١٠٩)، وهو ضعيف: وفيه بكار بن أبي مروان لم أقف على ترجمته فيمن روى عن خالد بن معدان، ولا من شيوخ مروان بن معاوية. ومروان ثقة حافظ، كان يدلس في أسماء الشيوخ، قاله ابن حجر في التقريب (٢/ ٥٧٧).
(٢) أضواء البيان (٤/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>