قلت: الراجح أن البشرى كانت بإسحاق - عليه السلام -، وذلك للآتي:
أولًا: صحة الدليل عليه.
ثانيًا: سياق القصة يدل عليه.
ثالثًا: أن البشرى قد حصلت قبل أن يخبروه بأنهم أُرسلوا إلى قوم لوط ولو كانت البشرى هي إهلاك قوم لوط فلماذا سألهم عن حالهم وماذا يريدون لقوله تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧)} [الحجر: ٥٧].
رابعًا: لو كانت البشرى بإهلاك قوم لوط؛ فلماذا كان يجادل الملائكة في أمرهم بعد ذلك؟
وهذا بعض كلام أهل العلم في معنى البشرى:
قال الشنقيطي: قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا}[هود: ٦٩]، لم يبين هنا ما المراد بهذه البشرى التي جاءت بها الرسل - الملائكة - إبراهيم، ولكنه أشار بعد هذا إلى أنها البشارة بإسحاق ويعقوب في قوله:{وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}[هود: ٧١]؛ لأن البشارة بالذرية الطيبة شاملة للأم والأب، كما يدل لذلك قوله:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات: ١١٢]، وقوله:{قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}[الذاريات: ٢٨]، وقوله:{قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}[الحجر: ٥٣].
والظاهر القول الأول، وهذه الآية الأخيرة تدل عليه؛ لأن فيها التصريح بأن إخبارهم بإهلاك قوم لوط بعد مجيئهم بالبشرى؛ لأنه مرتب عليه بأداة الشرط التي هي (لما) كما ترى. (١)