للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي سبحي معه قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد في تفسير هذه الآية: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} أي عند آخر النهار وأوله وذلك أنه كان الله تعالى قد وهبه من الصوت العظيم ما لم يعطه أحد بحيث إنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه يقف الطير في الهواء يرجع بترجيعه ويسبح بتسبيحه وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه كلما سبح بكرةً وعشيًا - عليه السلام -.

رزقه الله السرعة في قراءة الزبور: وقد كان مع هذا الصوت الرخيم سريع القراءة لكتابة الزبور، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال: "خفف على داود - عليه السلام - القرآن فكان يأمر بدوابه فتسرج فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه ولا يأكل إلا من عمل يده". (١)

له القربى من الله يوم القيامة: قال الله تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: ٢٥]، أي إن له يوم القيامة لزلفى وهي القربة التي يقربه الله بها ويدنيه من حظيرة قدسه بسببها كما ثبت في حديث "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن - عز وجل - وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا". (٢)

زاد الله في عمره من عمر آدم - عليه السلام -: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال: الحمد لله فحمد الله بإذنه فقال له ربه: رحمك الله يا آدم اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملإ منهم جلوس فقل السلام عليكم قالوا: وعليك السلام ورحمة الله ثم رجع إلى ربه فقال: إن هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم، فقال الله له ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت قال: اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسطها فإذا فيها آدم وذريته فقال: أي رب ما هؤلاء؟ فقال: هؤلاء ذريتك؛ فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه فإذا فيهم رجل أضوؤهم أو من أضوئهم قال: يا رب من هذا؟ قال: هذا ابنك داود قد كتبت له عمر أربعين سنة قال: يا رب زده في عمره قال: ذاك الذي كتبت له قال: أي رب فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة؟ قال: أنت وذاك قال: ثم أسكن الجنة ما شاء الله، ثم أهبط منها فكان آدم يعد لنفسه قال: فأتاه ملك الموت فقال له


(١) أخرجه البخاري (٣٢٣٥).
(٢) أخرجه مسلم (١٨٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>