للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاطمأنت أنفسهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لما ألقي في أمنية النبي - صلى الله عليه وسلم - وحدثهم الشيطان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قرأها في السجدة، فسجدوا لتعظيم آلهتهم، وفشت تلك الكلمة في الناس، وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة، ومر بها من المسلمين عثمان بن مظعون وأصحابه، وحدثوا أن أهل مكة قد أسلموا كلهم وصلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبلغهم سجود الوليد بن المغيرة على التراب على كفيه، وحدثوا أن المسلمين قد آمنوا بمكة، فأقبلوا سراعًا وقد نسخ الله - عز وجل - ما ألقى الشيطان وأحكم الله آياته وحفظها من الباطل، فقال الله - عز وجل -: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} فلما بين الله - عز وجل - قضاءه وبرأه من سجع الشيطان، انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم على المسلمين واشتدوا عليهم. (١)

تاسعًا: مرسل قتادة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتمنى أن لا يعيب الله آلهة المشركين فألقى الشيطان في أمنيته فقال: إن الآلهة التي تدعي أن شفاعتها لترتجي وإنها للغرانيق العلى فنسخ الله ذلك وأحكام الله آياته {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩)} حتى بلغ {مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ٢٣]، قال قتادة: لما ألقى الشيطان ما ألقى قال المشركون: قد ذكر الله آلهتهم بخير ففرحوا بذلك فذكر قوله: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} (٢)


(١) معضل، وإسناده حسن إلى موسى بن عقبة. أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، ببغداد قال: أنبأنا أبو بكر بن عتاب قال: حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة في كتاب المغازي، وذكره مطولًا.
قلت: وموسى بن عقبة من الطبقة الخامسة، فجُلّ روايته عن التابعين وأتباع التابعين، فأنَّى له برواية مثل هذا، وقد حدّث بهذا على طريقة الإخباريين وأصحاب المغازي، ولم يسند ما قاله، فالإعضال في الرواية شديد.
(٢) معضل، وهو صحيح الإسناد إليه. أخرجه الطبري من طريق ابن عبد الأعلى، عن أبي ثور. ومن طريق الحسن، عن عبد الرزاق كلاهما - أبو ثور، وعبد الرزاق - عن معمر، عن قتادة به، وإسناده إلى قتادة ظاهره الصحة ولكنه مرسل، وقتادة من الطبقة الرابعة ومراسيله واهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>