للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير صحابي، وإذا كان كذلك فيحتمل أن يكون ضعيفًا، وإن اتفق أن يكون المرسل لا يروي إلا عن ثقة فالتوثيق مع الإبهام غير كاف. (١)

وقال بعض الأئمة الحديث المرسل صحيح يحتج به، وقيد ابن عبد البر ذلك بما إذا لم يكن مرسله ممن لا يحترز، ويرسل عن غير الثقات فإن كان فلا خلاف في رده.

وقال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة: وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري، ومالك، والأوزاعي حتى جاء الشافعي فتلكم فيها، وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل، وغيره، فإذا لم يكن مسند غير المراسيل، ولم يوجد المسند، فالمرسل يحتج به، وليس هو مثل المتصل في القوة.

وقال الطبري: أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل ولم يأت عنهم إنكاره، ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المئتين.

قال ابن عبد البر: كأنه يعني أن الشافعي أول من رده.

وقد انتقد بعضهم قول من قال إن الشافعي أول من ترك الاحتجاج بالمرسل، فقد نقل ترك الاحتجاج عن سعيد بن المسيب، وهو من كبار التابعين، ولم ينفرد هو بذلك بل قال به من بينهم ابن سيرين والزهري. (٢)

وقد أخرج مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن سيرين أنه قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قيل: سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم (٣).

وقد ترك الاحتجاج بالمرسل ابن مهدي، ويحيى القطان، وغير واحد ممن قبل الشافعي، والذي يمكن نسبته إلى الشافعي في أمر المرسل هو زيادة البحث عنه والتحقيق فيه، وأخرج في الحلية من طريق ابن مهدي، عن ابن لهيعة أنه سمع شيخًا من الخوارج يقول بعدما تاب إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فإنا كنا إذا هوينا أمرًا صيرنا له حديثًا.


(١) توجيه النظر إلى أصول الأثر (٢/ ٥٥٩)، وفتح المغيث (١/ ١٤٢).
(٢) توجيه النظر إلى أصول الأثر ٢/ ٥٥٩.
(٣) صحيح مسلم ١/ ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>