للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر: هذه والله قاصمة الظهر للمحتجين بالمرسل إذ بدعة الخوارج كانت في مبدأ الإسلام والصحابة متوافرون ثم في عصر التابعين فمن بعدهم وهؤلاء إذا استحسنوا أمرًا جعلوه حديثًا وأشاعوه، فربما سمع الرجل الشيء فحدث به ولم يذكر من حدثه به تحسينًا للظن فيحمله عنه غيره ويجيء الذي يحتج بالمنقطعات فيحتج به مع كون أصله ما ذكرت. (١)

وأما مراسيل الصحابة فحكمها حكم الموصول على المشهور الذي ذهب إليه الجمهور قال ابن الصلاح ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول الفقه مرسل الصحابي مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمعوه منه لأن ذلك في حكم الموصول المسند لأن روايتهم عن الصحابة والجهالة بالصحابي غير قادحة لأن الصحابة كلهم عدول.

قال الحافظ العراقي: وفي قوله: لأن روايتهم عن الصحابة نظر، والصواب أن يقال لأن غالب روايتهم إذ قد سمع جماعة من الصحابة من بعض التابعين. (٢)

ولم يذكر ابن الصلاح خلافًا في مرسل الصحابي وفي بعض كتب الأصول أنه لا خلاف في الاحتجاج به، وليس بجيد فقد قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني إنه لا يحتج به، والصواب ما تقدم من الاحتجاج به.

وأما مراسيل من أُحضر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - غير مميز كعبيد الله بن عدي بن الخيار فلا يمكن أن يقال إنها مقبولة كمراسيل الصحابة لأن رواية الصحابة إما أن تكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن صحابي والكل مقبول، واحتمال كون الصحابي الذي أدرك، وسمع يروي عن التابعين بعيد بخلاف مراسيل هؤلاء فإنها عن التابعين بكثرة فقوي احتمال أن يكون الساقط غير صحابي، وجاء احتمال كونه غير ثقة. (٣)

وقال ابن حزم: المرسل من الحديث هو الذي سقط بين أحد رواته وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ناقل واحد فصاعدًا وهو المنقطع أيضًا وهو غير مقبول، ولا تقوم به حجة لأنه عن مجهول، وقد


(١) فتح المغيث (١/ ١٤٤).
(٢) التقييد والإيضاح (١/ ٧٥)، والشذا الفياح (١/ ١٥١).
(٣) توجيه النظر إلى أصول الأثر (٢/ ٥٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>