للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - عن أبي هريرة: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تَسَمَّوْا بِاسْمِى وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى، وَمَنْ رَآنِى في الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ في صُورَتِى، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (١)

ومنع الشيطان أن يتصور في خلقته لئلا يكذب على لسانه في النوم كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالمعجزة وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة (٢).

فقوله: "ولا يتمثل الشيطان بي"، قال القسطلاني: هو كالتتميم للمعنى والتعليل للحكم أي لا يحصل له أي للشيطان مثال صورتي ولا يتشبه بي فكما منع الله الشيطان أن يتصور بصورته الكريمة في اليقظة كذلك منعه في المنام لئلا يشتبه الحق بالباطل. (٣)

وقال الآلوسي: وإذا لم يتمثل منامًا فلأن لا يتمثل يقظة من باب أولى، وعلله الشراح بلزوم اشتباه الحق بالباطل. اهـ (٤)

قلت: فإذا منع الشيطان من التشبه به فمن ذلك صوته وقراءته في تبليغ الوحي للناس فلو حدث لكان فيه أعظم التلبيس على الناس فلأن يمنع الشيطان من ذلك من باب أولى والله أعلم.

٢ - عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ" (٥).

والحديث محمول على ظاهره أن الشيطان متى رأى عمر سالكا فجا هرب هيبة من عمر، وفارق ذلك الفج، وذهب في فج آخر لشدة خوفه من بأس عمر أن يفعل فيه شيئا


(١) أخرجه البخاري (١١٠).
(٢) عمدة القاري (٢/ ١٥٥).
(٣) عون المعبود (١٣/ ٢٥٠)، وفيض القدير (٦/ ١٣١)
(٤) روح المعاني (١٣/ ١١١).
(٥) أخرجه البخاري (٣٢٩٤)، مسلم (٢٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>