للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكوراني واختلفوا فيه على أوجه تعلم مما أسلفناه من نقل الأقوال في الآية وكلها عندي مما لا ينبغي أن يلتفت إليها.

وأقبح الأقوال التي رأيناها في هذا الباب وأظهرها فسادًا أنه - صلى الله عليه وسلم - أدخل تلك الكلمة من تلقاء نفسه حرصًا على إيمان قومه ثم رجع عنها، ويجب على قائل ذلك التوبة {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: ٥]، وقريب منه ما قيل إنها كانت قرآنًا منزلًا في وصف الملائكة عليهم السلام فلما توهم المشركون أنه يريد - صلى الله عليه وسلم - مدح آلهتهم بها نسخت، وأنت تعلم أن تفسير الآية أعنى قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا} [الحج: ٥٢] الخ لا يتوقف على ثبوت أصل لهذه القصة، وأقرب ما قيل في تفسيرها على القول بعدم الثبوت ما قدمناه، وقيل: هو بعيد صدقوا لكن عن إيهام الإخلال بمقام النبوة ونحو ذلك، واستفت قلبك إن كنت ذا قلب سليم. (١)

٣ - قال الشوكاني رحمه الله بعد ذكر القصة مجملة: ولم يصح شيء من هذا، ولا ثبت بوجه من الوجوه، ومع عدم صحته بل بطلانه فقد دفعه المحققون بكتاب الله سبحانه. وقال أيضًا: والحاصل: أن جميع الروايات في هذا الباب إما مرسلة أو منقطعة لا تقوم الحجة بشيء منها. (٢)

٤ - وقال ابن الجوزي: قال العلماء المحققون: وهذا لا يصح، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معصوم عن مثل هذا، ولو صح، كان المعنى أن بعض شياطين الإِنس قال تلك الكلمات، فإنهم كانوا إِذا تلا لغطوا، كما قال الله عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} [فصلت: ٢٦]. (٣)

٥ - وقال الرازي: هذا رواية عامة المفسرين الظاهريين، أما أهل التحقيق فقد قالوا هذه الرواية باطلة موضوعة واحتجوا عليه بالقرآن والسنة والمعقول. (٤)


(١) روح المعاني مع تصرف يسير سورة الحج آية ٥٢.
(٢) فتح القدير سورة الحج آية ٥٢.
(٣) زاد المسير سورة الحج آية ٥٢.
(٤) مفاتيح الغيب للرازي سورة الحج آية ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>