للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - وقال البيضاوي: وهو مردود عند المحققين، وإن صح فابتلاء يتميز به الثابت على الإِيمان عن المتزلزل فيه. (١)

٧ - وقال ابن عاشور: وهي قصة يجدها السامع ضِغثًا على إبَالة، ولا يلقي إليها النِّحرير بالَه. وما رُويت إلا بأسانيد واهية ومنتهاها إلى ذكر قصة، وليس في أحد أسانيدها سماع صحابي لشيء في مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وسندها إلى ابن عباس سندٌ مطعون على أنّ ابن عباس يوم نزلت سورة النجم كان لا يحضر مجالس النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي أخبار آحاد (٢) تعارض أصول الدين لأنها تخالف أصل عصمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - للإلتباس عليه في تلقي الوحي. ويكفي تكذيبًا لها قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] وفي معرفة الملكَ. فلو رووها الثقات لوجب رفضها وتأويلها فكيف وهي ضعيفة واهية. وكيف يروج على ذي مُسكة من عقل أن يجْتمع في كلام واحد تسفيهِ المشركين في عبادتهم الأصنام بقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: ١٩] إلى قوله: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ٢٣] فيقع في خلال ذلك مدحها بأنها "الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى". وهل هذا إلا كلام يلعنُ بعضُه بعضًا. وقد اتفق الحاكون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورة النجم كلها حتى خاتمتِها {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: ٦٢] لأنهم إنما سجدوا حين سجد المسلمون، فدلّ على أنهم سمعوا السورة كلها وما بين آية {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: ١٩] وبين آخر السورة آيات كثيرة في إبطال الأصنام وغيرها من معبودات المشركين، وتزييف كثير لعقائد المشركين فكيف يصحّ أن المشركين سجدوا من أجل الثناء على آلهتهم. (٣)

فإن لم تكن تلك الأخبار مكذوبة من أصلها فإن تأويلها: أن بعض المشركين وجدوا ذكر اللات والعُزّى فُرصة للدخَل لاختلاق كلمات في مدحهنّ، وهي هذه الكلمات وروّجُوها بين الناس تأنيسًا لأوليائهم من المشركين وإلقاء للريب في قلوب ضعفاء الإيمان وفي "شرح الطيبي على الكشاف" نقلًا عن بعض المؤرّخين: أن كلمات "الغرانيق. . ." (أي


(١) تفسير البيضاوي سورة الحج آية ٥٢.
(٢) قدمنا أن خبر الآحاد مقبول إن ثبت فيه شروط الصحة، وراجع شبهة (حديث الآحاد).
(٣) التحرير والتنوير سورة الحج آية ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>