للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الجمل) من مفتريات ابن الزِّبعرى. ويؤيد هذا ما رواه الطبري عن الضحاك: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنزل عليه قصةُ آلهة العرب، أي قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩)} [النجم: ١٩] الخ؛ فجعَل يتلو: {اللَّاتَ وَالْعُزَّى} (أي الآية المشتملة على هذا) فسمع أهل مكة نبي الله يذكر آلهتهم ففرحوا ودنوا يستمعون فألقَى الشيطان تلك الغرانيق العُلَى مِنها الشفاعة ترتجَى" فإن قوله: "دنوا يستمعون فألقى الشيطان" الخ يؤذن بأنهم لم يسمعوا أول السورة ولا آخرها وأن شيطانهم ألقى تلك الكلمات. ولعل ابن الزبعرى كانت له مقدرة على محاكاة الأصوات وهذه مقدرة توجد في بعض الناس. وكنت أعرف فتى من أترابنا ما يحاكي صوت أحد إلا ظنه السامع أنه صوتُ المُحاكَى.

وأما تركيب تلك القصة على الخبر الذي لست فيه أنّ المشركين سَجدوا في آخر سورة النجم لما سجد المسلمون، وذلك مروي في الصحيح، فذلك من تخليط المؤلفين.

وكذلك تركيب تلك القصة على آية سورة الحجّ. وكم بين نزول سورة النجم التي هي من أوائل السور النازلة بمكة وبين نزول سورة الحج التي بعضها من أول ما نزل بالمدينة وبعضها من آخر ما نزل بمكة.

وكذلك ربط تلك القصة بقصة رجوع من رَجع من مهاجرة الحبشة. وكم بين مدّة نزول سورة النجم وبين سنة رجوع من رجع من مهاجرة الحبشة. (١)

٩ - وقال ابن حزم: (والحديث الذي فيه: وأنهن الغرانيق العلا، وأن شفاعتهن لترجى. فكذب بحت لم يصلح من طريق النقل ولا معنى للاشتغال به، إذ وضع الكذب لا يعجز عنه أحد). (٢)

١٠ - قال الشريف الجرجاني: ولقد أخطأ المفسرون في إيداعها في تفاسيرهم إلا من عصمه الله تعالى. (٣)


(١) التحرير والتنوير سورة الحج آية ٥٢.
(٢) نقلًا من الإسلام بين الإنصاف والجحود.
(٣) المختصر في أصول الحديث، باب تحمل الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>