للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلا، قال الله تعالى: {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} أي تلاوة وقوله ({فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} أي يذهبه ويزيل اللبس به ويحكم آياته. (١)

الثالث: أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله تقريرًا وتوبيخًا للكفار كقول إبراهيم - عليه السلام - هذا ربى على أحد التأويلات وكقوله بل فعله كبيرهم هذا بعد السكت وبيان الفصل بين الكلامين ثم رجع إلى تلاوته وهذا يمكن مع بيان الفصل وقرينة تدل على المراد وأنه ليس من المتلو. (٢)

الرابع: أن يكون المراد بالغرانقة العلى الملائكة

قال القاضي عياض: وبهذا فسر الكلبي الغرانقة أنها الملائكة وذلك أن الكفار كانوا يعتقدون الأوثان والملائكة بنات الله كما حكى الله عنهم، ورد عليهم في هذه السورة بقوله {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١)} فأنكر الله كل هذا من قولهم ورجاء الشفاعة من الملائكة صحيح فلما تأوله المشركون على أن المراد بهذا الذكر آلهتهم وليس عليهم الشيطان ذلك وزينه في قلوبهم، وألقاه إليهم نسخ الله ما ألقى الشيطان، وأحكم آياته ورفع تلاوة تلك اللفظتين اللتين، وجد الشيطان بهما سبيلا للإلباس كما نسخ كثير من القرآن، ورفعت تلاوته، وكان في إنزال الله تعالى لذلك حكمة وفى نسخة حكمة ليضل به من يشاء، ويهدى من يشاء، وما يضل به إلا الفاسقين، و {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٣)

الخامس: وقيل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قرأ هذه السورة وبلغ ذكرت اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى خاف الكفار أن يأتي بشيء من ذمها فسبقوا إلى مدحها بتلك الكلمتين ليخلطوا في تلاوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويشنعوا عليه على عادتهم وقولهم {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} ونسب هذا الفعل إلى الشيطان لحمله لهم عليه وأشاعوا ذلك وأذاعوه وأن النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) الشفاء (٢/ ١٣٠).
(٢) نفس المصدر.
(٣) الشفاء (٢/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>