للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحضور أو الظهور أمام الرب ثلاث مرات في السنة هو حج الإسرائيليين، وهو خاص بالذكور دون الإناث.

وقت الحج في الإسلام: الحج في الإسلام مرتبط بالأشهر القمرية، وهو يعني أنه يأتي صيفًا ويأتي شتاءً ويمر داخل السنة الشمسية، فيمر بكل تقلباتها المختلفة، وهو من حكمة الخالق - عز وجل -، ودقيق صنعه لعباده، وهو ما كان من دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ولكن أهل مكة بدلوا وغيروا، ونعى الله عليهم ذلك في القرآن الكريم {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} [التوبة: ٣٧]، وذلك أن العرب كانت تعتقد تعظيم الأشهر الحرم، وكان ذلك مما تمسكت به من ملة إبراهيم - عليه السلام -، وكانت عامة معايشهم من الصيد والغارة، فكان يشق عليهم الكف عن ذلك ثلاثة أشهر على التوالي، وربما وقعت لهم حرب في بعض الأشهر الحرم فيكرهون تأخير حربهم، فنسؤوا أي: أخَّروا تحريم ذلك الشهر إلى شهر آخر، وكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر، فيحرمون صفر ويستحلون المحرم، فإذا احتاجوا إلى تأخير تحريم صفر أخروه إلى ربيع، هكذا شهرًا بعد شهر.

ويقول الرازي: إن القوم علموا أنهم لو رتبوا حسابهم على السنة القمرية، فإنه يقع حجهم تارة في الصيف وتارة في الشتاء، وكان يشق عليهم الأسفار ولم ينتفعوا بها في المرابحات والتجارات، لأن سائر الناس من سائر البلاد ما كانوا يحضرون إلا في الأوقات اللائقة الموافقة، فعلموا أن بناء الأمر على رعاية السنة القمرية يخل بمصالح الدنيا، فتركوا ذلك واعتبروا السنة الشمسية. (١)

فما فعله المشركون كان خروجًا على ملة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وجاء الإسلام ليصحح الخطأ، وأسواق العرب لم تكن فقط بسبب جني البلح كما اعتقد (فنسنك)، لأنه بحسب أصل الشعيرة كما هي في ملة إبراهيم - عليه السلام - كان الحج يقع صيفًا وشتاءً.

الأضحية عند اليهودية: إن هوس المستشرقين بنسبة كل شعائر الإسلام إلى اليهودية والنصرانية أو إلى أي مصدر آخر أي أن تكون وحي موحى بها من عند الله جعلهم يقعون في أغلاط تاريخية واضحة، فمسألة الضحية أو التضحية ليست قاصرة على اليهود، بل هي من


(١) تفسير الرازي سورة التوبة ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>