هذا المشهد المحرف يعرضه القرآن الكريم في صورة من الجلال والكمال اللائق بقدسية الوحي الإلهي حيث يقول تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} [هود: ٦٩، ٧٠]، ويقول تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: ٢٤ - ٢٨]، فالذين جاءوا ملائكة وليس الله، وهو لم يعرفهم كما جاء في القرآن الكريم، وهم لم يأكلوا وهو الأمر الذي يتناسب مع طبيعتهم كملائكة.
وأما هذه الصورة الكئيبة التي عرضتها التوراة المحرفة فليست إلا من صنع الكهان ورجال الدين الذين أعملوا يد الإثم في وحي الله، والفارق كبير بين المشهدين، ففي التوراة صورة لا تتفق مع نزاهة التوحيد، وفي القرآن نزاهة وبيان لعصمة الملائكة، وأعجب من هذا ما ورد في سفر (اللاويين ١٦/ ٨: ٥): وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. ٨ وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ.
جاء في قاموس الكتاب المقدس: عزازيل ورد في سفر اللاويين ويراد به الشيطان، أو الجن في الصحاري والبراري، أو ملاك ساقط بحسب سفر أخنوخ ومعظم المفسرين الحديثيين، ولئن حاول المفسرون المحدثون تفسيره بملاك ساقط من السماء فهو تفسير واه، لأن المقصود به روح الشر المقابلة للإله في اعتقادهم وهو الشيطان، وإنما تقدم التضحية له لتسكن غضبه، وهي شعيرة تبدو فيها الوثنية الطاغية والتأثر بالمذاهب القائلة بآلهة الخير وآلهة الشر.
الأضحية في الإسلام: ونحن لا نعيب الذبح من حيث هو، لأننا نؤمن بالتضحية كشعيرة إلهية يتقرب بها العبد لربه سبحانه وتعالى، وهو لون من ألوان الاستسلام