والامتثال لأمر الله، ولكننا نعيب التحريف والطقوس الوثنية التي شابت هذه الشعيرة، وامتزاجها بأفكار مشوشة في الإله تعالى، وإسقاط صفات المخلوقين عليه، وهو الأمر الذي جاء الإسلام بتصحيحه ورد الشعيرة إلى صورتها اللائقة بجناب الله تعالى، فليس القربان الإسلامي طعامًا للرب ولا طعمًا لأحد الوسطاء بين العبد وربه باسم الدين. . . وليس فيه معنى من معاني التقريب للظواهر الطبيعية في مواسمها المعروفة للحصاد والنتاج، قال تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦)} [الحج: ٣٦]، والمعنى: إن اتقيت الله في هذه البُدن، وعملت فيها لله، وطلبت ما قال الله تعظيمًا لشعائر الله ولحرمات الله، فإنه قال:{وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}، قال:{وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}، قال: وجعلته طيبًا، فذلك الذي يتقبل الله. فأما اللحوم والدماء، فمن أين تنال الله؟ .
وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا نحروا البدن لطخوا الكعبة بدمائها قربة إلى الله، فأنزل الله هذه الآية، قال مجاهد: أراد المسلمون أن يفعلوا فعل المشركين من الذبح وتشريح اللحم ونصبه حول الكعبة ونضحها بالدماء تعظيمًا لها وتقربًا إليه تعالى فنزلت هذه الآية.
هذه الفروق الجوهرية بين صورة التضحية في الإسلام ونظيرتها في اليهودية والمسيحية هي ذات الفروق بين الإسلام كوحي إلهي وبين اليهودية والمسيحية كديانتين محرفين طالتهما أيدي التشويه الآدمي القاصر.
الحج في المسيحية: ما قيل في اليهودية يقال في المسيحية فليس في المسيحية الحالية شعيرة يمكن أن يطلق عليها اسم الحج كما هو الحال في شعيرة الحج في الإسلام في كمالها وشمولها ووضوح معالمها وأبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والروحية والتربوية، فلم يرد أي نص بالحج في كتبها المقدسة، وما نراه من حج المسيحيين الكاثوليك إلى روما، وما نشاهده من حج المسيحيين على اختلاف طوائفهم وفرقهم إلى القدس لم يرد في الديانة المسيحية وأسفارها المقدسة لدى المسيحيين، وإنما هو تقليد اتبع فيما يعد المسيح بقرون.