والحج المسيحي إلي القدس ليس فريضة من الفرائض المنصوص عليها في المسيحية وإنما نشأ بعد الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين. وقد زارت القدس سنة ٣٢٤. وعثرت على الصليب الحقيقي كما تذكر بعض الروايات الضعيفة وصعدت هيلانة إلى مرتبة القداسة فعرفت بالقديسة.
وليس لهذا الحج طقوس أو مناسك، وإنما يقصدها المسيحيون كما يقصدها غيرهم من السائحين فيزورون مولد المسيح وغيره من الأماكن التي تردد عليها كما يزورون الكنائس القائمة في القدس وبيت لحم، والحج بهذه الصورة السابقة في المسيحية عبارة عن سياحة دينية وزيارة لبعض الأماكن التي يعتقدون قدسيتها وقدسية هذه الأماكن ليست بنص في كتبهم، وإنما هي من وضع الرهبان ورجال الدين النصراني، ولا علاقة لها بالمسيح - عليه السلام -.
مزارات الحج المسيحي: في المسيحية عدة أماكن يقصدها المسيحيون لحجهم:
(١) الحج إلى مدينتي القدس وروما:
وهي من أعظم مزارات الحج المسيحي باعتبار مولد صاحب الديانة والمركزية الدينية لهذه الديانة، وهي أسباب بشرية لا تدعمها نصوص ولا ترجع إلى فعل المسيح - عليه السلام -، وإذا كان قد سبق معنا أن الحج إلى القدس - وهو الحج الأساس في النصرانية - ليس فريضة ولا مناسك له، فالحج أيضًا إلى روما ليس فريضة مقدسة، ولكن زيارة روما مستحبة، وبدأت منذ القرن الثالث عشر الميلادي، ويظهر أن روما استأثرت بالعدد الأكبر من الحجاج وقطعت الطريق إلى بيت المقدس، وإن لم ينقطع المسيحيون عن الزيارة إليها، وهناك فارق بين روما والقدس في الحج، فروما خاصة بالكاثوليك، والقدس محجة كل المسيحيين.
وسبب ازدحام روما أنها أصبحت معقل المسيحية وبها قبر بطرس وقبر بولس وعشرات من مقابر القديسين والزهاد والنصارى، وكان نصارى غرب أوروبا يخرجون إلى الحج في احتفال عظيم، وكان الرئيس الديني لكل بلد يزود كل حاج بعصا ورداء من الصوف الخشن يرتديه عند تسلمه إياه، وكانت لهم في طريقهم إلى القدس أربطة وتكايا ينزلون بها، وإذا وصلوا اغتسلوا بنهر الأردن وتطهروا لدخول بيت المقدس، فإذا حجوا