للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَيِ التَّابُوتِ، وَكَانَ التَّابُوتُ فِي ذَلِكَ الزَّمانِ يُسْتَنْصَرُ بِهِ، وَمَنْ قُدّمَ بَيْنَ يَدَيِ التَّابُوتِ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يُقْتَلَ أوْ يُهْزَمَ عَنْهُ الجَيْشُ، فَقُتِلَ زُوْجُ المَرْأَةِ، وَنزلَ المَلَكَانِ عَلى دَاوُدَ يَقُصَّانِ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ، فَفَطِنَ دَاوُدُ فَسَجَدَ، فَمَكَثَ أرْبَعِينَ لَيْلَةً سَاجدًّا حَتَّى نَبَتَ الزَّرْعُ مِنْ دُمُوعِهِ. . ." (١).

وهذا لا يصح من طريق النقل، ولا يجوز من حيث المعنى؛ لأن الأنبياء منزَّهون، وهم لا يأتون المعاصي مع العلم (٢).

وقال في البحر المحيط: وذكر المفسرون في هذه القصة أشياء لا تناسب مناصب الأنبياء ضربنا عن ذكرها صفحًا (٣).

وقال البقاعي: تلك القصة وأمثالها من كذب اليهود، وأخبرني بعض من أسلم منهم أنهم يتعمدون ذلك في حق داود - عليه السلام -؛ لأن عيسى - عليه السلام - من ذريته ليجدوا السبيل إلى الطعن فيه (٤).

وقال ابن عاشور: واعلم أن سوق هذا النبأ عقب التنويه بداود - عليه السلام - ليس إلا تتميمًا للتنويه به لدفع مَا قد يُتوهم أنه ينقض ما ذكر من فضائله مما جاء في كتاب "صمويل الثاني" من كتب اليهود في ذكر هذه القصة من أغلاط باطلة تنافي مقام النبوءة فأريد بيان المقدار الصادق منها وتذييله بأن ما صدر عن داود - عليه السلام - يستوجب العتاب ولا يقتضي العقاب ولذلك ختمت بقوله تعالى: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥)} [ص: ٢٥] (٥).

وقال السعدي: وهذا الذنب الذي صدر من داود - عليه السلام - لم يذكره الله لعدم الحاجة إلى ذكره، فالتعرض له من باب التكلف، وإنما الفائدة ما قصه الله علينا من لطفه به وتوبته وإنابته، وأنه ارتفع محله، فكان بعد التوبة أحسن منه قبلها (٦).


(١) تفسير الطبري (٢٣/ ١٥٠)، وقد سبق الحكم عليه
(٢) زاد المسير (٧/ ١١٥)، راجع بحث عصمة الأنبياء.
(٣) البحر المحيط (٧/ ٣٧٥).
(٤) تفسير البقاعي (٦/ ٣٧٦).
(٥) تفسير ابن عاشور (٢٣/ ٢٣٧).
(٦) تفسير السعدي (٧١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>