للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإحاطة في معرفته إلا بالقدر اليسير من كثير مما حوله في هذا الكون الفسيح المحسوس المرتبط ارتباطا وثيقا بحياته ذلك أن أكثر ما في هذا الكون يدخل في عالم الغيب النسبي أو المطلق بالنسبة للإنسان مما يجعله في حاجة إلى مصدر عليم بأمر الكون حتى يزوده بمعلومات تزيح عنه الستر وتكشف عنه بعض الغيب.

ثالثًا: لما كان الإنسان مفطورًا على عبادة الله تعالى، كما أنه مأمور بذلك وجوبًا لزم أن تكون تلك العبادة على علم بالمعبود وهو الله تعالى وهذا العلم لا يمكن الوصول إليه مفصلًا بالعقول المجردة، كما أن العبادة لا يمكن معرفة كيفيتها بالعقول المجردة، وبذلك يكون الإنسان بحاجة دائمة إلى خبر من مصدر موثوق يمكنه من معرفة الله تعالى وكيفية عبادته.

رابعًا: إن الإنسان كائن اجتماعي لا يمكنه العيش منعزلًا عما حوله من كائنات وموجودات، فهو كذلك بحاجة إلى قواعد ونظم لترتيب حياته الفردية والاجتماعية والأسرية وبدون هذه النظم تصبح هذه العلاقات قائمة على الفوضى والتنازع، وارتباط هذه القوانين والنظم بالتشريع الإلهي يضمن لها الثبات والاستقرار؛ لأنها تصدر عن عليم بخلقه مدرك لمصالحهم إدراكًا كاملًا مطلقًا، أضف إلى ذلك أن الإنسان قد استقر في وجدانه أنه لا بد من حياة أخرى يجازى فيها الناس على أعمالهم في هذه الحياة الدنيا فكان مقتضى الحكمة أن يبين الله تعالى ذلك لخلقه.

خامسًا: الاتصال بين الله تعالى والإنسان يكون بواسطة الملائكة، ولكن لما كانت طبيعة الملائكة تختلف اختلافًا كاملًا عن البشر كان لا بد من وجود خصوصية في الصلة بين الملائكة وبين البشر؛ لذا قضى الله تعالى بحكمته البالغة أن يصطفي من البشر أفرادًا ذوي طبيعة خاصة ويعدهم إعدادًا خاصًا للتكيف مع طبيعة الاتصالط بالملائكة حتى تتنزل هذه الملائكة عليهم بأحكام الله تعالى عليهم.

قال ابن تيمية: والرسالة ضرورية للعباد لا بد لهم منها وحاجتهم إليها فوق حاجتهم إلى كل شيء والرسالة روح العالم ونوره وحياته فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور والدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة، وكذلك العبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة ويناله من حياتها وروحها فهو في ظلمة، وهو من الأموات، قال الله تعالى: {

<<  <  ج: ص:  >  >>