للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ} إلى قوله {وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ} [الأعراف ٣٨, ٣٩]، وقال: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: ٨، ٩]، وأخبر تعالى أنهم ينادون أهل الجنة فيقولون: {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [الأعراف: ٥٠]، وأن أهل الجنة ينادونهم: {أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: ٤٤]، وأنهم يقولون: {يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}، فيقول لهم: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: ٧١]، وأنهم يقولون لخزنة جهنم: {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ}، فيقولون لهم: {قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: ٥٠].

وأما العقبى والمآل: فإنهم إذا قالوا: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (١٠٧)} [المؤمنون: ١٠٧]، فقال الله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨]، وكتب عليهم الخلود بالمثل الذي يضرب لهم وهو أن يؤتى بكبش أملح ويسمى الموت ثم يذبح على الصراط بين الجنة والنار وينادوا يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت سلبوا في ذلك الوقت أسماعهم وقد يجوز أن يسلبوا الأبصار والكلام لكن سلب السمع يقين لأن الله تعالى يقول: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠)} [الأنبياء: ١٠٠]، فإذا سلبوا الأسماع صاروا إلى الزفير والشهيق ويحتمل أن تكون الحكمة في سلب الأسماع من قبل أنهم سمعوا نداء الرب سبحانه على ألسنة رسله فلم يجيبوه بل جحدوه وكذبوا به بعد قيام الحجة عليهم بصحته فلما كانت حجة الله عليهم في الدنيا الاستماع عاقبهم على كفرهم في الأخرى بسلب الأسماع يبين ذلك أنهم كانوا يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: ٥]، وقالوا {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} [فصلت: ٢٦]، وإن قوم نوح - عليه السلام - كانوا يستغشون ثيابهم تسترًا منه لئلا يروه ولا يسمعوا كلامه وقد أخبر الله تعالى عن الكفار في وقت نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - مثله فقال: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} [هود: ٥]،

<<  <  ج: ص:  >  >>