للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْفَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ. (١)

الوجه السادس: أنها لم تكن متوقع الحصول لأهل العلم لينظروها في وقتها ويروها كما أنهم يرون هلال رمضان والعيدين والكسوف والخسوف في أوقاتها غالبًا لأجل كونها متوقع الحصول، ولا يكون نظر كل واحد إلى السماء في كل جزء من أجزاء النهار أيضًا فضلًا عن الليل. فلذلك رأى الذين كانوا طالبين لهذه المعجزة وكذلك من وقع نظره في هذا الوقت إلى السماء كما جاء في الأحاديث الصحيحة أن الكفار لما رأوها قالوا: سحركم ابن أبي كبشة فقال أبو جهل: هذا سحر فابعثوا إلى أهل الآفاق حتى تنظروا رأوا ذلك أم لا؟ فأخبر أهل آفاق مكة أنهم رأوه منشقًا، وذلك لأن العرب يسافرون في الليل غالبًا ويقيمون بالنهار فقالوا: هذا سحر مستمر. وفي المقالة الحادية عشر من تاريخ "فرشته" أن أهل مليبار من إقليم الهند رأوه أيضًا، وأسلم والي تلك الديار التي كانت من مجوس الهند بعد ما تحقق له هذا الأمر.

وقد نقل الحافظ المزى عن ابن تيمية أن بعض المسافرين ذكر أنه وجد في بلاد الهند بناءً قديمًا مكتوبًا عليه: (بني ليلة انشق القمر). (٢)

الوجه السابع: أنه قد يحول في بعض الأمكنة وفي بعض الأوقات بين الرائي والقمر، سحاب غليظ أو جبل، ويوجد التفاوت الفاحش في بعض الأوقات في الديار التي ينزل فيها المطر كثيرًا، بأنه يكون في بعض الأمكنة سحاب غليظ ونزول المطر بحيث لا يرى الناظر في النهار الشمس ولا هذا اللون الأزرق إلى ساعات متعددة، وكذا لا يرى في الليل القمر والكواكب ولا اللون المذكور. وفي بعض أمكنة أخرى لا أثر للسحاب ولا للمطر وتكون المسافة بين تلك الأمكنة والأمكنة الأولى قليلة، وأهل البلاد الشمالية كالروم والفرنج في موسم نزول الثلج والمطر لا يرون الشمس إلى أيام، فضلًا عن القمر. (٣)


(١) نقله ابن حجر عن ابن عبد البر، انظر فتح الباري (٧/ ١٨٦)، وإظهار الحق (٢/ ٢٨٨).
(٢) فتح الباري (٧/ ١٨٦)، وإظهار الحق (٢/ ١٨٨).
(٣) الفتح (٧/ ١٨٦)، وإظهار الحق (٢/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>