للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عما دُعوا إليه بوجوههم {وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} يقول وهم مستكبرون عن المصير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليستغفر لهم، وإنما عُنِي بهذه الآيات كلها فيما ذُكر، عبدُ الله بن أُبيّ ابن سَلُول، وذلك أنه قال لأصحابه: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}، وقال: {لئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} فسمع بذلك زيد بن أرقم، فأخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله عما أخبر به عنه، فحلف أنه ما قاله، وقيل له: لو أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألته أن يستغفر لك، فجعل يلوي رأسه ويحرّكه استهزاء، ويعني ذلك أنه غير فاعل ما أشاروا به عليه، فأنزل الله عز وجل فيه هذه السورة من أوّلها إلى آخرها (١).

وعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله - رضي الله عنه - قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُل مِنْ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأنصَارِ! وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ! " فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا بَالُ دَعْوَى الجاهِلِيَّةِ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ الله: كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنصَارِ؛ فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة، فسمِعَهَا عَبْدُ الله بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ: قَدْ فَعَلُوهَا! وَالله لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المُدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. قَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِب عُنُقَ هَذَا المنافق، فَقَالَ: دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ." (٢).

وعن زيد بن أرقم - صلى الله عليه وسلم - قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فقال عبد الله بن أُبيّ ابن سلول: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المُدِينَةِ ليخرجن الأعز منها الأذل، قال: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، قال: فحلف عبد الله بن أبي أنه لم يكن شيء من ذلك، قال: فلامني قومي وقالوا: ما أردت إلى هذا؟ ، فانطلقمت فنمت كئيبًا حزينًا، قال: فأرسل إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنَّ الله تَبارَكَ وَتَعَالَى قَدْ عَذَرَكَ وصَدَّقَكَ" قال: فنزلت الآية {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} حتى بلغ {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}. (٣)


(١) تفسير الطبري (١٤/ ١٠٨)، وابن كثير (٤/ ٤٨٧).
(٢) أخرجه البخاري (٤٩٠٧)، ومسلم (٢٥٨٤).
(٣) أخرجه البخاري (٤٩٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>