للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاضطروا إلى تتبع ذلك، وجمع التواريخ والمعاجم، ثم تبعهم غيرهم، ومنها: الإسناد الذي يعرف به حال الخبر، كان بدؤه في الحديث، ثم سرى إلى التفسير والتاريخ والأدب.

هذا والعالم الراسخ هو الذي إذا حصل له العلم الشافي بقضية لزمها، ولم يبال بما قد يشكك فيها، بل إما أن يعرض عن تلك المشككات، وإما أن يتأملها في ضوء ما قد ثبت، فهاهنا من تدبر كتاب الله، وتتبع هدي رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ونظر إلى ما جرى عليه العمل العام في عهد أصحابه، وعلماء أمته، بوجوب العمل بأخبار الثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنها من صلب الدين، فمن أعرض عن هذا وراح يقول: لماذا لم تكتب الأحاديث؟ بماذا، لماذا؟ ويتبع قضايا جزئية - إما أن لا تثبت، وإما أن تكون شاذة، وإما أن يكون لها محمل لا يخالف المعلوم الواضح - فمن كان ذلك شأنه؛ فلا ريب في زيغه (١).

فلا يتوهم بعض الناس أن الصحابة لم يكن لهم كتاب يتضمن علمًا غير كتاب الله - وهذا خطأ بيّن - بل قد كتب الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثه، ودوّنوه في كتبهم بإذنه، كما مرّ في حديث أبي شاه، وحديث عبد الله بن عمرو، وبإقراره لهم كما مرّ أيضًا في حديث عبد الله بن عمرو، بل وبأمره بتقييد العلم حتى لا يندرس.

أقول: وكان هذا التقييد للعلم وتدوينه على نوعين:

الأول: جمع الأحاديث مدونة في كتاب، كيفما اتفق، بلا تأليف ولا ترتيب بينها، وهذا غالب جمعهم.

الثاني: جمع باب بعينه.

فمن الصنف الأول:

١ - كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل اليمن، وقد تضمن أحكامًا كثيرة، وكان عند عمرو بن حزم (٢).

٢ - كتاب عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -، وكان يُسمي صحيفته الصادقة، وقد مر.


(١) الأنوار الكاشفة (١/ ٣٠ - ٣٢).
(٢) النسائي كتاب القسامة (٨/ ٥٧) رقم ٤٨٥٣ - ٤٨٥٩، الأموال لأبي عبيد (٣٥٨ - ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>