للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهي، لأنه لم يزل يكتب، ومات وعنده كتابته، وهي الصحيفة التي كان يسميها (الصادقة)، ولو كان النهي عن الكتابة متأخرًا؛ لمحاها عبد الله لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بمحو ما كُتبَ عنه غير القرآن، فلمَّا لم يحها وأثبتها؛ دَلَّ ىلى أنَّ الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها، وهذا واضح والحمد لله (١).

قال القاضي: كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم، فكرهها كثيرون منهم، وأجازها أكثرهم، ثم أجمع المسلمون على جوازها، وزال ذلك الخلاف (٢).

قال الحافظ ابن حجر: الإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم (٣).

وقد أجمع المسلمون على جواز كتابة الحديث وتسويغه (٤).

قال المعلمي: أما البخاري فقال في صحيحه: (باب كتابة العلم)، ثم ذكر قصة الصحيفة التي كانت عند علي -رضي الله عنه-، ثم خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- زمن الفتح وسؤال رجل أن يكتب له، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اكتبوا لأبي فلان)، وفي غير هذه الرواية (لأبي شاه) ثم قول أبي هريرة -رضي الله عنه-: ما من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد أكثر حديثًا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب وأنا لا أكتب (٥).

ثم حديث ابن عباس في قصة مرض النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقوله: "ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده"، وفي بعض روايات حديث أبي هريرة في شأن عبد الله بن عمرو:


(١) تهذيب السنن ١٠/ ٥٥.
(٢) شرح النووي على مسلم (١٨/ ١٢٩).
(٣) فتح الباري (١/ ٢٠٨).
(٤) نقل الإجماع ابن الصلاح، وابن كثير في اختصار علوم الحديث الباعث (٢/ ٣٧٩) نشره علي حسن عبد الحميد والقاضي عياض في الإلماع (١٤٩)، والكرماني في شرحه على البخاري (٢/ ١٢٤)، والأبي في شرحه على مسلم (٣/ ٤٥٤).
(٥) صحيح البخاري (٢٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>