للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - المعارضة: وهي مقابلة المكتوب -بالسماع من الشيخ المروي عنه- مرة أخرى مع الشيخ، بأن يقرأ عليه ما كتب؛ حتى يُجيزه الشيخ به، وتلك سنة أخذها المحدثون من النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى قال في مرض موته: "إن جبريل كان يُعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي ..... ". (١)

بل إن أنس بن مالك -رضي الله عنه- كان له كتاب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتبه عنه، وعرضه عليه، كما في مستدرك الحاكم، وقد مر منذ قليل.

حتى عقد الخطيب البغدادي لذلك بابًا في كتابه: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع قال فيه (٢): باب وجوب المعارضة بالكتاب لتصحيحه، وإزالة الشك والارتياب، ثم قال: يجب على من كتب نسخة من أصل بعض الشيوخ أن يُعارض نسخته بالأصل، فإن ذلك شرط في صحة الرواية من الكتاب المسموع.

ثم روى بسنده عن هشام بن عروة قال: قال لي أبي: كتبت؟ قال: قلت: نعم، قال عارضت؟ قلت: لا، قال: فلم تكتب!

٢ - حفظ الكتاب، وذلك بأمرين: الأول: صيانته ألا تصل له يد، وقد مر أن عبد الله بن عمرو كان له صندوق له حلق يحفظ فيه كتابه، وكان علي يحفظ كتابه في قراب سيفه، وكان خالد بن معدان الذي لقي سبعين صحابيًا يتخذ لكتابه عرى وأزرارًا؛ حفظًا له (٣).

الثاني: حفظه حفظ الصدر، فقد كان قتادة يحفظ صحيفة جابر -رضي الله عنه-.

أقول: ثم كان بعد ذلك أول جمع للسنة يُراد به الاستقصاء؛ خوفًا من أن يندرس العلم ويضيع، وذلك في سنة مئة أو نحوها، حيث بعث عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- بأمر لابن شهاب الزهري أن يدون سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبعث به إلى كل أرض له عليها سلطان. (٤)


(١) رواه البخاري (٢٤٥٠)، والمعارضة: القابلة في القراءة عن ظهر قلب.
(٢) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٢/ ١٥٤)، وانظر: التقييد والإيضاح (١/ ٢٢٠).
(٣) تذكرة الحفاظ (١/ ٩٣)، توثيق السنة (٦٢)
(٤) فتح الباري (١/ ٢٥١، ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>