للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه شبهة مركبة، أحدها: إثبات ضرر الذباب أو نجاسته والثاني: أن الشرب من الإناء الذي يوضع فيه الذباب سيؤدي إلى الضرر حتمًا.

والجواب عن القسم الأول: وهو نجاسة الذباب فليس بصحيح، لأن أهل العلم قد ذهبوا إلى أن ما لا نفس له سائلة ليس بنجس، لذلك قال الحسن: (إن دخل حلقه الذباب فلا شيء عليه). (١)

وعن ابن عباس -رضي الله عنه-: (في الرجل يدخل حلقه الذباب قال لا يفطر). (٢)

وعن إبراهيم: (أنه سئل عن الذباب يقع في الماء فيموت فيه قال: لا بأس به). (٣)

وأما القسم الثاني: وهو الكلام حول إثبات الشفاء والضرر في جناحي الذباب، وكيفية وجودهما معًا في نفس الذبابة، فقد تكلم عن هذا الأمر أهل العلم، وأهل الطب قديمًا وحديثًا فمما ذكره العلماء:

١ - قال ابن عبد البر: ورُوي هذا الحديث من وجوه كثيرة عن أبي سعيد، وأبي هريرة -رضي الله عنهم- كلها ثابتة، ومعلوم أن الذباب إذا غمس في الطعام الحار أو البارد؛ أن الأغلب عليه مع ضعف خلقه الوت فلو كان موته في الماء والطعام يفسده، لم يأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغمسه فيه! ! وإذا لم ينجس الطعام بموته فليس بنجس على حال البتة. وقد علم أن الذباب يعيش من الدم ويتناول من الأقذار ما تتناول القملة، وفيه من الدم مثل ما في القملة أو أكثر؛ وقد حكم فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما تقدم ذِكْرِنَا له. وهذا ما لم يكن فيه دم؛ لأن الحديث إنما يدل على أن النجس من الحيوان؛ ما له دم سائل. وكذلك قال إبراهيم ما ليس له نفس سائلة فليس بنجس يعني بالنفس الدم. (٤)


(١) رواه البخاري معلقًا تحت الحديث (١٨٣٠)، ووصله ابن أبي شيبة ٢/ ٣٤٨.
(٢) ابن أبي شيبة ٢/ ٣٤٨.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ١/ ٨٩، وابن أبي شيبة ١/ ٦١.
(٤) التمهيد (١/ ٣٣٧: ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>